محاور المشاهير عدنان الكاتب يلتقي Francesca Amfitheatrof مبدعة مجوهرات Louis Vuitton
في مدينة مراكش، حيث تلتقي الطبيعة الخلابة بتاريخ متنوع الثقافات، قدّمت دار “لويس فويتون”Louis Vuitton مجموعة مجوهراتها الراقية الجديدة “سبيريت”Spirit التي صممتها المديرة الفنية لمجوهرات الدار وساعاتها “فرانشيسكا أمفيتياتروف” Francesca Amfitheatrof وأرادت أن تجسد من خلالها الأنوثة الحرة المتجذرة في هوية “لويس فويتون”.
وتعكس مجموعة “سبيريت” (أي “روح” بالإنجليزية) بجرأة جمالياتها وقوتها البصرية، جوهر روح “لويس فويتون”، وتفسر بنهج “أمفيتياتروف” المعاصر خمس قيم تؤمن بها الدار: الحرية، والرقي، والخيال، والإشراق، والمصير. وعلى جناحي طائر الفينيق الذي يظهر في هذه المجموعة، ليمثل امرأة “لويس فويتون” القادرة دائما على التجدد وبلوغ أهدافها مهما كانت عالية في فضاء الإنجاز والإبداع، سافرت مخيلتنا مرة جديدة مع الدار الفرنسية العريقة إلى مكان حالم، مكان أبعد من أي أفق عرفناه.
مراكش: عدنان الكاتب Adnan AlKateb
بعد أن اطلعت على هذه المجموعة الرائعة، وغصت من خلالها في عالم الأحجار الكريمة النادرة والتصاميم المدهشة التي تحولت إلى روائع ملموسة بفضل أكثر من 40000 ساعة من العمل الحرفي الدؤوب في مشاغل باريسية فنية متخصصة، التقيت مع “فرانشيسكا” المديرة الفنية التي بنت أكبر مجموعة مجوهرات راقية تطلقها “لويس فويتون” حتى اليوم لتوثق الرابط الأبدي بين دار “لويس فويتون” وامرأتها.
أذهلتني “فرانشيسكا” بسحرها وجمالها الطبيعي، وتواضعها وطريقة حديثها بشغف عن عشقها لعملها، فهذه المبدعة المولودة في طوكيو باليابان، لأب روسي أمريكي، وأم إيطالية، عملت من قبل لصالح العديد من الدور العالمية: تيفاني، فالنتينو وجورجيو أرماني. وأمضت طفلوتها في مدرسة داخلية في بريطانيا، ومن تنقلت بين نيويورك وموسكو وطوكيو وروما، لكنها درست في كل مراحل حياتها في بريطانيا: كلية تشيلسي للفنون، وسنترال سانت مارتينز، وحصلت على الماجستير من الكلية الملكية للفنون.
تحف الطبيعة: انطلق حديثي معها بسؤالها عن حجر الياقوت الموزمبيقي الساحر الذي يتألق في وسط عقد “ديستيني” Destiny، الذي وصفته بالياقوت المثالي والاستثنائي الجمال. ولفتت انتباهي إلى ندرة لونه المشرق والمركز في الوقت نفسه، وهو شيء غير عادي بالنسبة إلى أحجار الياقوت الكبيرة التي نراها عادة داكنة الأطراف. أتت هذه الياقوتة ذات قطع الزمرّد من منجم إفريقي تتعاون معه الدار وتدعمه، واشترت منه الأحجار قبل سنين عديدة، وهو ما يتناقض مع الفكرة السائدة بأنه على الياقوت أن يأتي دوما من بورما (ميانمار)، ليكون بنوعية رائعة. وتقول هنا: إن المنطقة كلها كانت في السابق ضمن قارة عظيمة واحدة، ولذا فإن موادها وأحجارها الطبيعية تملك الجذور ذاتها؛ والأهم بالنسبة إليها هو أن شراء الياقوت البورمي يدعم بشكل مباشر المجلس العسكري الحاكم في البلاد، الأمر الذي بدأ عدد أكبر من الناس بإدراكه اليوم.
أما عن التسافوريت الذي يظهر في حجر مذهل بعيار 65.26 قيراط في عقد “غريس”Grace ، فأخبرتني بأنه من بين الأحجار المستعملة بانتظام في “لويس فويتون” حتى قبل أن تنضم إلى الدار، وأنها أحبته كما أحبت الأوبال الذي يعتبر من ركائز لغة مجوهرات “لويس فويتون”، ورغبت منذ البداية في استعمال هذه الأحجار غير الشائعة. وقد استطاع عقد “غريس” أن يحتضن هذا الحجر الكبير ضمن توازن في الأحجام والأبعاد نابع من شغف “أمفيتياتروف” بالدمج بين الفخامة والحداثة لنسج قطع غير مفرطة في زخرفتها، على غرار مجوهرات مجموعة “سبيريت” التي تقدر أن تتحدى اختبار الزمن بفضل تصاميمها الهندسية العصرية.
تعبير مجازي وأسلوب معاصر: في سماء مجموعة “سبيريت”، يرفرف طائر الفينيق المتسلح بالإيجابية الواثقة وحلم الصمود والانتصار، ويحلق تنين مهيب ينفث لهب النار ليحمي نفسه ومحيطه. وهذا التوجه نحو المخلوقات الخرافية كان في مخيلة “أمفيتياتروف” منذ وصولها إلى “لويس فويتون”، إذ رغبت في تصميم أشكال الحيوانات، وتحديدا الحيوانات المحصنة التي يحميها جلدها تماما كما تحمي ابتكارات “لويس فويتون” التاريخية أمتعة المسافرين: “أردت منذ البداية تقديم حيوانات مجازية، وأن أفكر فيها بطريقة مختلفة. تمثل الحيوانات الخرافية بالنسبة إلى امرأة “لويس فويتون”، ومن المهم جدا أن أتحدث عن عملائنا وأرمز إليهم من خلال تصاميم هذه المخلوقات، لأن زبائننا بدورهم يمثلون الدار”.
في مجموعة المجوهرات الراقية الجديدة، دور نجومي للتصاميم التي تعانق البشرة عناقا يطوقها بألق حميم، مثل الأساور المطوقة للمعصم والعقود العالية الشبيهة بالياقات. هي مقاربة تحبها “فرانشيسكا أمفيتياتروف” وتعبّر بها عن ذوقها الشخصي الذي يميل إلى التصاميم الدراماتيكية المفعمة في الوقت نفسه بالحركة والمريحة على البشرة، كما في عقد “ديستيني”، حيث تحاور الياقوتة النارية المركزية بشفافيتها المساحات الفارغة التي تميز بها هندسة هذا العقد.
قابلية التحويل عنصر عصري يفرض صفاته العملية والمرحة على فصول تشكيلة “سبيريت” المتنوعة. على سبيل المثال، يمكنك أن تفكي حجر التسافوريت في عقد طائر الفينيق “غريس”، وأن تفصلي حجر الياقوت الأساسي عن عقد “ديستيني” فتستبدليه بماسة أصغر حجما تمنحك خيارا ثانيا إذا لم ترغبي في الخروج وأنت تتزينين بحجر استثنائي مثل الياقوتة الأساسية. تأخذ دار “لويس فويتون” فكرة التحويل دائما بعين الاعتبار، وتجسدها في المكان الملائم بأسلوب مرح ولعوب، كما في تصميم صندوق صغير يخبئ في داخله ماسة موجودة على نابض يجعلها تظهر وكأنها تقفز قفزة صغيرة، بفضل حركة ميكانيكية ذكية. وتقول “أمفيتياتروف”: إن الآليات الميكانيكية فكرة تحبها، وأحبها مؤسس الدار وابنه وحفيده، وإن هندسة الآليات العملية تؤثر في كل ما تصنعه دار “لويس فويتون”.
إلى الأمام: حين انضمت “فرانشيسكا أمفيتياتروف” إلى “لويس فويتون”، كانت مجموعات مجوهرات الدار الراقية تتألف من أقل من 80 قطعة، لكن العدد وصل الآن إلى 150 مع تصاميم ستكشف الدار عنها لاحقا في أكتوبر وخلال أسبوع الموضة الراقية في يناير الآتي. ولا تنمو مجموعات المجوهرات الراقية لدى الدار بعدد قطعها فقط، بل أيضا من ناحيتي التصميم ونوعية الأحجار. وتصف “أمفيتياتروف” هذه المرحلة بالنضوج الذي ينعكس أيضا كما تقول على مفردات معجم التصميم الذي تعبّر من خلاله مجوهرات “لويس فويتون” الراقية عن هوية الدار: “علينا ابتكار معجم تصميم يتعرف إليه الناس، ويميزونه بسهولة، ويدركون حالما يرونه أنه ينتمي إلى عالم “لويس فويتون”، وهذا كان تحديا مهما بالنسبة إلي”.
تلعب الشعارات الرمزية دورا كبيرا في هوية “لويس فويتون”، وكان من الضروري إيجاد رموز مبتكرة تنسجم بشكل مثالي مع عالم المجوهرات الراقية. لذلك، ابتكرت “لويس فويتون” قطعا خاصا بها لحجر الماس، في خطوة ريادية لم تقم بها أي علامة أخرى. صممت الدار شكلين جديدين حصريين لحجر الماس، وهما قطع الزهرة وقطع النجمة اللذان صارا توقيعا لمجوهرات الدار ويظهران اليوم في مجموعة “سبيريت” بطريقة خافتة وراقية. كما تتكرر في المجموعة الأشكال المثلثة الناعمة التي تريد أن تدخلها “أمفيتياتروف” إلى اللغة الإبداعية الثابتة التي تتكلم بها مجوهرات الدار. وترمز الأشكال المثلثة إلى حرف V الحرف الأول من اسم “فويتون”، إضافة إلى السهم الذي يرشد الناس في الاتجاه الصحيح، ويشجعهم على المضي قدما.
إبداع وجودة وحرفية: نلاحظ في هذه المجموعة بعض التفاصيل المستوحاة من عالم الأزياء والنابعة من رغبة “فرانشيسكا أمفيتياتروف” في التلاعب بين عالمي الموضة والمجوهرات الراقية، خصوصا أن “لويس فويتون” هي قبل كل شي دار أزياء. وفي هذا السياق، تشدد على أن التأثير الإيجابي لدار “لويس فويتون” كونها دار أزياء على مجوهراتها بفضل العدد الهائل من الزبائن الذين يعشقون الدار. وتشرح قائلة: “ندخل متاجر علامات الأزياء مثل “لويس فويتون” حتى لو لم نكن نرغب في التسوق وأردنا فقط مشاهدة ما هو موجود فيها. لكننا قد لا ندخل دائما متاجر المجوهرات التي قد تتطلب زيارتها أن نكون في مزاج معين. لذلك، نتميز بتدفق الناس الطبيعي والمتواصل إلى متاجرنا، وبالعدد الهائل من الزبائن الذين يمكننا أن ندعوهم إلى اكتشاف عالم المجوهرات الراقية. أمامنا ثروة عالمية من الناس الذين نستطيع جذبهم إلى المجوهرات الراقية التي لم يفكروا فيها ربما في السابق، أو التي لم يربطونا بها قبل الآن”.
ترى “فرانشيسكا” أن قدرة “لويس فويتون” على جذب الناس نحو مجوهراتها الراقية تقوم على خمس ركائز أساسية، وهي: الأحجار الرائعة، والحرفية البارعة، والتصميم المبتكر، والقصص الصادقة، وتقديم كل قطعة في إصدار واحد حصري. بالنسبة إلى الأحجار الملونة، فإن دار “لويس فويتون” تملك أفضل نوع من الأحجار الملونة الموجودة في السوق اليوم، على الرغم من أن الحصول عليها صعب للغاية، ويتطلب سفر فريق الدار المتخصص حول العالم للبحث عن أجمل كنوز الطبيعة. والبراعة الحرفية الكامنة خلف تنفيذ تصاميم “أمفيتياتروف” تنبع من هوس الدار بالتصنيع الدقيق والراقي في كل ما تقوم به، أما التصاميم المدهشة فتتسم بالهندسة الديناميكية المشوّقة التي ترافق منتجات الدار منذ تأسيسها.
عن القصص التي تسردها القطع، تؤكد “فرانشيسكا” أنها نقطة البداية لكل مجموعة تعمل عليها. وتقول: البدء بموضوع معين هو الطريقة الوحيدة التي أستطيع أن أعمل بها، وهو ما قد يجذب حتى من ليس مهتما بالمجوهرات الراقية، وذلك من خلال قصص صادقة تلامس قلبه، وتحرك لديه عاطفة شخصية معينة. وكل قطعة مجوهرات راقية فريدة تماما، لأن الدار تصنع واحدة منها فقط، وهو ما يجعلها تحفة حقيقية واستثمارا فعليا، فشراؤها يعني شراء أحجار نادرة سترتفع قيمتها مع الوقت، وتصاميم نفذتها أفضل مشاغل ساحة “فاندوم”، وقطع من إرث غني بالقصص والمعاني.
تتذكر مصممة مجوهرات الدار ردات فعل صائغي ساحة “فاندوم” في بداياتها مع الدار، والشكوك التي سمعتها حول قدراتها وإمكانية نجاحها، بشكل خاص لأنها جديدة على “الساحة” وغير فرنسية. وتقول: “هؤلاء الأشخاص يهنئونني اليوم على كل مجموعة، ويقدّرون ما استطعت أن أقدمه مع الدار في وقت قصير جدا”.
بفضل عملها المثابر والجدّي والطموح، استطاعت الدار ترسيخ وجودها في هذا القطاع والتأثير فيه بسرعة هائلة، وإقناع حتى من كان يقول في الأصل إنه لن يشتري المجوهرات سوى من دور المجوهرات الكلاسيكية. وتلقي “فرانشيسكا” الضوء هنا على التغيير الثقافي الواضح في سلوك شراء المجوهرات، وتتحدث عن ميل المرأة اليوم نحو شراء المجوهرات لنفسها، والتعبير عن خياراتها الشخصية التي تكون عادة مغامرة أكثر بكثير من خيارات الرجل.
حرية الحلم وتحقيقه: في نهاية الحوار مع “فرانشيسكا أمفيتياتروف” سألتها: ماذا تعني لك شخصيا ثلاث من الكلمات المفتاحية التي بنيت حولها مجموعة “سبيريت”: الحرية، والمصير، والخيال؟ فأجابت: “الحرية هي كل شيء بالنسبة إلى المرأة الحرة الروح والدائمة الحركة.. حرية أن أقول وأتصرف وأكون كما أريد أمر جوهري لكينونتي وسعادتي”. وأنا أؤمن بأن كل إنسان يصنع مصيره بيديه، ويحتاج إلى الحرية ليستطيع ذلك. أما الخيال فهو ما يميزنا نحن البشر عن بقية الكائنات، فلدينا القدرة على التخيل والحلم والابتكار وتصور عالم خيالي. هذا هو ما أحب فعله، هذا هو قوتي وغذائي، هذا هو ما يبقيني على قيد الحياة”.