المرأة العصرية والراقية

محاور المشاهير يلتقي Nicolas Bos المدير التنفيذي في  Van Cleef & Arpels

 سطعت السماء ببريق نجومها ولمعان قمرها ونور شمسها في فضاء مجوهرات الدار الفرنسية العريقة “فان كليف أند آربلز” Van Cleef & Arpels منذ العقد الأول من القرن الماضي. وعلى مر السنين، سافرت الدار في وسع الكون حاملة أحجارها الكريمة معها في مغامرة فضائية تستكشف أشكال السماء وألوانها وحركتها. وخلال رحلتها، تأثرت الدار كثيرا بتمثيل الإنسان للفضاء وتصويره له بالكتابة والشعر والعلم والفنون. وتحولت أحدث جولاتها الكونية، بأسلوبها الشاعري المعتاد وحسها الإبداعي الحر وبراعتها الحرفية التاريخية، إلى قصة مجموعة المجوهرات الراقية الجديدة التي تحمل اسم “سو ليز إتوال” Sous les étoiles أي “تحت النجوم” وتموه الحدود بين الواقعي والمجازي.  واختارت الدار العريقة أن تكشف هذه المجموعة السماوية الرائعة للمرة الأولى في الشرق الأوسط، تحت نجوم سماء دبي في أمسية ترصع ليلها ببريق كوني أثيري تلألأ فوق وميض الأحجار الباهرة في تحف “سو ليز إتوال”.

حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb

 

بهذه المناسبة، التقيت بالرئيس التنفيذي للدار “نيكولا بوس”Nicolas Bos ، وتحدثنا عن الفعالية الاستثنائية، ومقاربتها في إعادة استكشاف الفضاء وإيجاد الإلهام في أسراره، وتمسك الدار بتاريخها وحفاظها على هويتها في ظل مواكبة أحدث الصيحات والتطورات في أنماط العيش العصرية، وعن ساعات الدار ورؤيتها الشاعرية للوقت.

 

 

ترتبط دار  Van Cleef & Arpels ارتباطا وثيقا بالفنون والثقافة. كيف ينعكس ذلك على هوية مجوهراتكم الراقية؟

علاقة الدار بالفنون والثقافة كانت دائما قوية جدا، وقد اتخذت وما زالت تتخذ أشكالا مختلفة. لكنها في المقام الأول تشكل لمجوهراتنا الراقية مصدر إلهام، من الشعر والأدب، مرورا بفن الرقص الذي نخصص له مكانا بارزا في معجمنا الرمزي، وصولا إلى تمثيل الطبيعة الذي ننظر إليه من خلال عيون المصورين والرسامين والفنانين. علاقتنا الوثيقة بالفن تتجلى في مصادر إلهام استوديو المجوهرات الراقية، وفي تعاوننا مع فنانين ومصممين ومبدعين في فئات أخرى، إضافة إلى دعمنا لفرق الرقص والمتاحف والفنانين. بذلك نحاول أن نكون مخلصين لإرث العائلة المؤسِّسة.

 

كيف عالجتم موضوع النجوم والكون في مجموعةسو ليز إتوالSous les étoiles الجديدة؟

أعتقد أن القصة الكاملة لهذه المجموعة تتلخّص في النظر إلى السماء والنجوم بنهج تقليدي كان لنا مصدر إلهام لفترة طويلة جدا. لكن في كثير من الأحيان، يلتزم النهج التقليدي بترصيع الماس الأبيض على خلفية داكنة، وهو الأسلوب الذي صورنا فيه السماء لفترة طويلة. إنما ما كان له تأثير كبير فينا في السنوات العشر الماضية منذ أن بدأنا الغوص أكثر فأكثر في هذا الموضوع الملهم، هو إعادة اكتشاف الألوان والأشكال السماوية اللامحدودة. وأعتقد أنه مع تطور تصوير الفضاء في الأعوام العشرين إلى الثلاثين الماضية، بات لدينا كل هذه الصور التي تراها حول الأرض والتي استخدمناها للاستلهام. هي في الواقع صور حقيقية بألوان السماء الحقيقية التي لم تكن البشرية تعلم بوجودها، لأننا لملايين السنين نظرنا إلى سماء بيضاء وسوداء. اكتشفنا حديثا فقط من خلال وكالة “ناسا” الأمريكية ووكالة الفضاء الأوروبية صورا تُظهر أن هناك عددا لا حدّ له من الألوان الحقيقية في السماء، والتي لا تقتصر على الأزرق والأحمر، بل تضم أيضا مجموعة كاملة من أطياف الأخضر والأصفر، إضافة إلى خلطات ألوان جذابة للغاية وغريبة ومفاجئة.

كان مشوقا لنا أن نكتشف طريقة لاستعمال الألوان الموجودة في أحجارنا (من الماس والصفير إلى الأحجار الزينية) لترجمة هذه التركيبات اللونية الكونية، وعمق الأبعاد الثلاثية وحس الحركة اللذين نجدهما في الأشكال التي نراها في السماء.

وإلى جانب هذا الإلهام البصري، ألهمتنا السماء أيضا بطريقة شاعرية، لأننا نظرنا إليها مرة أخرى من خلال عدسة الشعراء والكتّاب. على مر القرون، كانت هناك نصوص جميلة مثل نص كتبه “يوهانس كيبلر” في أوائل القرن السابع عشر، يجمع بين العلم والشعر ، ويصف السماء في شكل شاعري. وهذا ما نحبه في “فان كليف أند آربلز”، أي أن تلتقي التقنية والحرفية والعلم بعالم الشعر.

 

 

هل تلهمكم قطع من الماضي؟ وكيف تحافظون على التوازن بين تاريخ الدار وحاضرها؟

في دار مثل “فان كليف أند آربلز”، هناك إرث. بالطبع هي دار حرفية وإبداع، ويسعدنا جدا ابتكار أشكال جديدة ومجموعات جديدة كل عام. لكن مهمتنا وواجبنا التأكد من أن هذه الإبداعات هي أيضا جزء من قصة بدأت قبلنا بكثير، ونأمل أن تستمر بعدنا؛ هنا تكمن أهمية التاريخ. نحاول التأكد من أن كل ما نقوم به هو وسيلة للانسجام مع هذا التاريخ وإكماله، وطريقة لكتابة فصل جديد في الكتاب نفسه. لذلك نلاحظ عناصر الاستمرارية، فإذا نظرت على سبيل المثال إلى تمثيلنا للسماء، فستجد استمرارية بين بعض القطع من عشرينيات وخمسينيات وتسعينيات القرن الماضي واليوم. ولذلك فإن عملنا لا يأتي من فراغ، ولا يتمرد على التقاليد ولا يحدث ثورة، لكننا في الوقت نفسه لا نريد مجرد إعادة إنتاج أو نسخ الأشياء التي فعلناها في الماضي، بل نحاول منحها معنى جديدا وبعدا مختلفا. ونفعل ذلك من خلال تغيير وجهة النظر وتغيير مصدر الإلهام.

وعلى الرغم من أن تقنياتنا تقليدية جدا، فإنها تتحسن وتتطور مع الوقت في مشاغلنا. وإلى جانب التغيير في التقنيات ووجهات النظر، يتغير العالم أيضا. نأخذ بعين الاعتبار التغيرات في أنماط العيش وتوقعات العملاء، من طريقة وضع المجوهرات وطريقة شرائها إلى الدور الذي تلعبه في ثقافات ومجتمعات معينة.

المكونات كثيرة في هذه الوصفة، لكن في نهاية المطاف ننظر إلى كل تصميم ونسأل: هل هو مناسب لعالم “فان كليف أند آربلز”؟ أعتقد أن هذا ينطبق أيضا على العلامات التجارية الأخرى، وهذه هي الطريقة التي نحافظ بها على الهوية. هناك أحيانا قطع يمكن أن تكون جميلة، لكنها لا تشبه تاريخ هذه الدار. لذا فإن الجزء الرئيس من العمل هو التأكد من ترسيخ الهوية وجعلها مرئية ومفهومة وقوية وجذابة. ونحاول بعملنا إثراء هويتنا وتجنّب فقدان تأثير إرثنا ووجوده. هذا هو ما يصنع الفرق حقا بين العمل في إطار تاريخي والعمل كمصمم أو فنان حر والتعبير عن نفسك. نحن هنا نعبّر عن أنفسنا لكن في إطار محدد ودقيق.

 

 

تحدثت عن تغير العالم. المرأة العربية مرت بتغيّرات كبيرة في السنوات القليلة الماضية، كيف ترى انعكاس ذلك على علاقة الدار بالنساء العربيات؟

أعتقد أن النساء العربيات لطالما امتلكن القوة، لكن هذه القوة أصبحت الآن أكثر ظهورا ووضوحا. عندما يتعلق الأمر بالمجوهرات، إن المنطقة العربية لطالما كانت تحب وتقدّر المجوهرات والفنون الزخرفية والحرفية والحجارة الكريمة. وصحيح أننا رأينا العديد من الفرص الجديدة لوضع أنواع مختلفة من المجوهرات بطرق مختلفة، مع تطور المجتمع، وأنماط العيش، والحياة الاجتماعية في المنطقة. والنساء اللواتي يعشقن المجوهرات لديهن الآن المزيد من الفرص للتزين بها، ولديهن حرية أكبر في التعبير عن أذواقهن، واتخاذ خياراتهن الخاصة، وأحيانا الشراء بأموالهن الخاصة.

إن علاقة “فان كليف أند آربلز” مع المرأة العربية ممتازة؛ الناس هنا يفهمون ما نفعله ويقدّرونه. وأعتقد أن مصادر الإلهام العالمية مثل رؤيتنا هذه للنجوم، تستطيع أن تتحدث إلى ثقافة السيدات في المنطقة، وأن تحاكي توقعاتهن. وسأكون سعيدا جدا إذا أحبت المرأة العربية هذه المجموعة.

 

 

قدّمتم مجموعة سو ليز إتوال في أمسية رائعة أقيمت في الإمارات العربية المتحدة. لماذا اخترتم منطقتنا، وما هي الرسالة التي كانت وراء هذا الحدث مع هذه المجموعة المحددة؟

أنا وكل فرق العمل في دار “فان كليف أند آربلز” فخورون جدا بتقديم هذه المجموعة هنا في دبي، لأنها مجموعة مستوحاة من رؤية السماء والنجوم، وهو شيء عالمي أعتقد أننا جميعا نحبه. كشفنا هذه المجموعة تحت سماء الإمارات، ونحن نراقب النجوم الحقيقية ونستمتع بلقاء المجوهرات والأحجار الكريمة والحرفية بجمال الطبيعة. أعلم أن هذا شيء يحمل معنى كبيرا لهذه المنطقة بأكملها، ويسعدني جدا أن أشارك تلك اللحظة الاستثنائية مع جميع أصدقائنا وعملائنا وجامعي المجوهرات هنا في الإمارات العربية المتحدة، والشرق الأوسط عموما.

 

 

برأيك ما القطعة الأبرز في هذه المجموعة؟

أحب كل قطع المجموعة. إحدى القطع الأكثر رمزية في المجموعة بالنسبة لي، هي عقد “هالي” Halley، الذي يجسد رؤية جديدة لعقد ماسي تقليدي بهيكل يعتبر كلاسيكيا في عالم المجوهرات الراقية. إنما هنا يأخذ معنى مختلفا تماما لأنه مستوحى من مذنّب “هالي”. الحجر المركزي فيه هو حجر ماس أصفر بقطع إجاصي وعيار نحو 11 قيراطا، ويصبح رأس ذلك المذنب وقلبه. هذه الماسة موجودة في قلب حركة تستمر حول العقد، وتعطي إحساسا بالتسارع، حيث يلعب الذهب الأبيض والأصفر مع الماس الأبيض والأصفر، فتُشعرك بأن السماء تدور حول عنقك. بالنسبة إلي، إنها قطعة أيقونية في المجموعة السماوية “سو ليز إتوال”.

 

 

ساعات “فان كليف أند آربلز” هي أعمال فنية حقيقية تشجعنا على الحلم. هل يمكنك إخبارنا عن أحدث ساعاتكم؟ وما الذي يميزها؟ وما الذي تمثله؟

“فان كليف أند آربلز” هي تاريخيا دار مجوهرات. ونحب أن تكون في مجوهراتنا حركة، خصوصا  حين نستمد إلهامنا من الطبيعة على سبيل المثال؛ لكن قطعة المجوهرات غالبا ما تكون تحفة صامتة. الرائع في عالم صناعة الساعات وخاصة صناعة الساعات التقليدية وآلياتها، هو أنه يمكنك كما هو الحال في عالم الآلات الذاتية التشغيل، أن تبث الحياة في قصة التصميم. هنا يصبح الجامد متحركا. ومن خلال مجموعة ساعات “بويتيك كومبليكيشنز”Poetic Complications ، هذا ما نحاول تحقيقه. أذكر على سبيل المثال، ساعة “بون ديز أمورو” Pont des Amoureux حيث يلتقي عاشقان على جسر، أو “ليدي فييري” Lady Féerie، وهي ساعة جميلة مرصعة بالماس، حيث تشير جنّية في وسط المينا إلى الوقت بعصاها السحرية.

هذه هي رؤية “فان كليف أند آربلز” للوقت. الوقت شيء شاعري، شيء سحري. لذلك لا يتعلق الأمر كثيرا بالأداء والدقة، بل يتعلق بقياس جمال الوقت مع مرور الفصول وتطور قصص الحب. وأعتقد أن هذا ما حاولنا حقا زرعه في ساعاتنا.

 

 

دار “فان كليف أند آربلز” تفاجئنا دائما، وقد أسرت بالفعل خيالنا مع هذه المجموعة. ما الذي تخبئونه للمستقبل؟

في كل مجموعة وكل ابتكار مغامرة جديدة. كما ذكرت سابقا، نحاول بالطبع التأكد من أننا نحترم تاريخنا وأننا نكتب فصولا جديدة في قصة بدأت قبل أكثر من قرن. بالطبع، هناك دائما تطورات جديدة وفصول جديدة. اليوم نركز على هذه المجموعة المستوحاة من السماء. وسنعود إلى معرض “ساعات وعجائب” في جنيف مع بعض الابتكارات الاستثنائية وغير المتوقعة. بعد ذلك، سنقدم قصة جديدة تماما مع مجموعة مجوهرات راقية جديدة في يونيو 2022… ثمة الكثير من القصص الجديدة التي سنرويها في الأشهر المقبلة.

يمكنك أيضا قراءة