المرأة العصرية والراقية

الجلوس لساعات طويلة على المكتب تؤدي إلى أمراض خطيرة ومزمنة

إن ركوب موجة الإنتاجية في العمل، والجلوس لساعات طويلة، والموازنة بين الاجتماعات والعروض التقديمية والمواعيد النهائية المتتالية، قد يجعلك تشعر بأنك رابح وتصعد سلم النجاح. وبينما تركب موجة العمل الشاق، تحوم أسماك قرش المشاكل الصحية تحت السطح مباشرةً، مستعدةً للهجوم في ذروة مسيرتك المهنية.

يؤدي الجلوس لساعات طويلة في العمل إلى مشاكل صحية عديدة، إذ يسبب أمراضًا كانت شائعة في منتصف العمر أو ما بعده، أي قبل ذلك بكثير. إذا لم تتخذ العناية اللازمة، فإن روتين العمل اليومي الذي يهيمن عليه الجلوس والعمل لساعات طويلة قد يحوّل الحياة المكتبية إلى أزمة صحية صامتة. الخطوة الأولى للوقاية من أمراض نمط الحياة الرئيسية هي الوعي، وفهم الحالات الصحية التي قد تصاب بها.

ما هي المشاكل الأكثر شيوعا التي نراها في الوقت الحاضر؟

لتحديد المشكلات الأكثر شيوعًا، دعونا نلقي نظرة على نتائج تقرير مبني على بيانات صحية لأكثر من 46,000 موظف من مختلف القطاعات، نشر في 25 سبتمبر 2025. وفقًا لتقرير رفاهية مكان العمل الصادر عن شركة Truworth Wellness، يعاني واحد من كل 10 موظفين من اضطرابات النوم وأمراض القلب. كما تؤثر هذه الاضطرابات على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا، مما يشير إلى ظهور مبكر للأمراض المزمنة.

ومن أكثر المشاكل إلحاحًا الحرمان من النوم. إذ يعاني منه واحد من كل عشرة موظفين في الفئة العمرية من ٢٣ إلى ٣٩ عامًا. إلى جانب أمراض القلب والأوعية الدموية، تظهر اضطرابات الغدة الدرقية بشكل حاد. كما أن هذا يشير إلى مدى الضرر الذي يلحقه الجلوس لفترات طويلة بعملية الأيض وتنظيم الهرمونات.

وبحسب التقرير فإن الأمراض المزمنة الرئيسية التي ظهرت في البداية منذ سن الخمسين أصبحت الآن تظهر في الفئة العمرية من الثلاثينيات إلى الأربعينيات، وتصيبهم خلال سنوات ذروة أدائهم.

الجلوس لساعات طويلة

كما يسلّط تقرير رفاهية مكان العمل لعام ٢٠٢٥ الضوء على أن الأمراض المزمنة تصيب الموظفين مبكرًا. وأن المشاكل الصحية اليومية تستنزف الإنتاجية، وأن الرعاية الوقائية تهمَل. كذلك لم يعد من الممكن أن تكون الصحة نشاطًا روتينيًا؛ بل يجب أن تدمج كأولوية استراتيجية للأعمال. أيضًا تشهد الشركات التي تطبّق برامج صحة مركّزة على النتائج انخفاضًا في الإجازات المرضية بنسبة ٢٨٪، وانخفاضًا في تكاليف الرعاية الصحية بنسبة ٢٦٪، وزيادة في الإيرادات لكل موظف بنسبة ١١٪.

ما هي العواقب طويلة المدى للجلوس؟

غالبًا ما يكون الأشخاص في أواخر الثلاثينيات أو أوائل الأربعينيات، مع بداية صعودهم الوظيفي، ويبدو مسارهم المهني مبشرًا. إلا أن هذه الأمراض الخطيرة تعيق الخطط الطموحة. حيث إن من يجلسون لمدة 8-10 ساعات يوميًا، يبدأ معدل الأيض لديهم بالتباطؤ، مما يؤثر على حساسية الأنسولين وتحلل الدهون. كما يؤدي ذلك إلى زيادة الوزن وارتفاع مستويات الكوليسترول.

وبالنسبة لمن يعاني من ألم في الصدر وإرهاق. فقد يكون علامة مبكرة لمرض الشريان التاجي وارتفاع ضغط الدم. ومع تغييرات في نمط الحياة وفترات راحة منتظمة، تتحسن الحالة في غضون أشهر. لذا، حتى أولئك المهنيون الذين ليس لديهم تاريخ سابق لأمراض القلب، يصابون بمشاكل في القلب والأوعية الدموية والأيض مع مرور الوقت.

كيف يؤثر الجلوس لفترات طويلة في العمل على القلب ووضعية الجسم والعمود الفقري؟

يعيق الجلوس لفترات طويلة الدورة الدموية. إذ يضطر القلب إلى بذل جهد أكبر لضخ الدم عبر الأطراف غير النشطة، مما يزيد من خطر تكوّن الجلطات وارتفاع ضغط الدم. كما أن الوضعية السيئة، التي غالبًا ما تلاحظ في الأعمال المكتبية، تفاقم المشكلة. كما أن الانحناء يضغط على العمود الفقري ويضعف عضلات الجذع. مما يؤدي إلى آلام مزمنة في الظهر واختلال في استقامة العمود الفقري مع مرور الوقت.

هذا يعني أن قضاء ساعات طويلة خلف المكتب لن يسبب لك إرهاقًا فحسب، بل سيسبب لك أيضًا ضررًا أكبر. فعندما تكون خاملًا، يعمل قلبك بجهد أكبر، بينما تفاقم الوضعية السيئة الوضع، مما يمهد الطريق لمشاكل القلب والأوعية الدموية والجهاز العضلي الهيكلي.

يمكنك أيضا قراءة