المرأة العصرية والراقية

إجهاد العين الرقمي عند الأطفال: كل ما تحتاجين إلى معرفته

يعاني الأطفال من إجهاد العين ومشاكل بصرية متزايدة بسبب إطالة أمد استخدام شاشات الموبايل والتابلت. ويعدّ الكشف المبكر واتخاذ التدابير الوقائية أمرًا بالغ الأهمية لمكافحة هذه الجائحة الصامتة لقصر النظر.

وقد بات المعلمون يبلغون عن شكاوى متكررة من الصداع وعدم الراحة في العين لدى تلامذتهم. حيث تشمل إجهاد العين الرقمي جفاف العين والتعب المتكرر.

ومن الفصول الدراسية إلى غرف المعيشة، كان التحول الرقمي في حياة الأطفال دراماتيكيًا للغاية. فمع استبدال الكتب المدرسية بالأجهزة اللوحية، وانضمام الهواتف الذكية إليهم منذ الصغر، أصبح الأطفال اليوم منغمسين في الشاشات بشكل غير مسبوق. وبينما يتمتع هذا الجيل المتمرس بالتكنولوجيا بإمكانية غير مسبوقة للوصول إلى المعرفة والترفيه والاتصال، إلا أن هناك تكلفة ناشئة غالبًا ما يتم تجاهلها: تأثير التعرض المستمر للشاشة على بصرهم.

بسبب الموبايل أطفالنا يخسرون أعينهم

مع تزايد أهمية الأجهزة الرقمية في التعلم والترفيه والتفاعل الاجتماعي، يحذر الخبراء من الارتفاع الحاد في مشاكل الرؤية لدى الأطفال. لم تعد مشاكل إرهاق العين والصداع وتشوش الرؤية وقصر النظر التدريجي مقتصرة على البالغين الذين يعملون لساعات طويلة على أجهزة الكمبيوتر، بل أصبحت تظهر الآن في الفصول الدراسية وملاعب الأطفال.

ولفهم خطورة هذا القلق المتزايد يسلّط الأطباء الضوء على كيفية تضافر قضاء وقت طويل أمام الشاشات، وسوء عادات المشاهدة، وقلة الأنشطة الخارجية، لخلق ما يسمّيه “جائحة صامتة”، حيث تتدهور صحة عيون الأطفال، غالبًا دون علامات تحذيرية واضحة.

وهناك أسباب وعلامات وحلول هذه الأزمة الصحية التي تم تجاهلها بسبب ضغوط شركات تصنيع الأجهزة اللوحية ومقدمي خدمات الاتصالات والانترنت. مع تقديم نصائح عملية للآباء والمعلمين ومقدمي الرعاية الذين يلعبون دورًا محوريًا في حماية رؤية الجيل القادم في عالم رقمي متزايد.

العبء المتزايد لوقت الشاشة على عيون الشباب

وفقًا لدراسة أجرتها مجلة الصحة المدرسية عام 2023، ارتفع وقت استخدام الأطفال للشاشات بنسبة 52٪ منذ ما قبل الجائحة. تستهلك الدروس عبر الإنترنت، والواجبات المنزلية الرقمية، والألعاب، وتصفح الإنترنت ساعات من يوم الطفل، غالبًا على حساب النشاط البدني والوقت الذي يقضيه في الهواء الطلق. وقد ساهم هذا التحول فيما يطلق عليه الخبراء الآن “جائحة صامتة” من قصر النظر وإجهاد العين الرقمي.

الكشف المبكر: خطوة أولى حاسمة

غالبًا ما يكون المعلمون، الذين يقضون وقتًا طويلًا في مراقبة الأطفال في بيئات التعلم، أول من يلاحظ علامات مشاكل الرؤية. وقد كشف استطلاع حديث شمل 500 مدرسة في الهند أن 68% من المعلمين أفادوا بشكاوى الطلاب من الصداع، وانزعاج العين، وصعوبة التركيز، وهي علامات تحذيرية شائعة لإجهاد العين الرقمي. يجب عدم إغفال هذه العلامات، فالكشف المبكر أمر بالغ الأهمية في إدارة مشاكل الرؤية المتقدمة قبل تفاقمها.

فهم إجهاد العين الرقمي وقصر النظر

إجهاد العين الرقمي (DES) حالة متعددة الجوانب تتجاوز مجرد عدم وضوح الرؤية. تشمل أعراضًا مثل جفاف العين، وصعوبة التركيز، وإرهاق العين المتكرر. أصبح قصر النظر التدريجي لدى الأطفال، حيث تتدهور الرؤية بسرعة، أمرًا مثيرًا للقلق بشكل خاص. تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يعاني أحد الوالدين أو كليهما من قصر النظر هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بثلاث إلى أربع مرات، مما يجعل الوراثة عاملًا مهمًا.

قاعدة 20-20-20 والدعم الغذائي

من أبسط وأكثر التدخلات فعاليةً قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة، انظر إلى شيء يبعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية. تساعد هذه التقنية على استرخاء عضلات العين وتقليل الإجهاد التراكمي.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب التغذية دورًا هامًا في صحة البصر. فالنظام الغذائي الغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية واللوتين والزياكسانثين الموجودة في أطعمة مثل الخضراوات الورقية والبيض والأسماك.. يدعم صحة العين ويعمل كدرع طبيعي ضد الإجهاد الناتج عن التعرض للشاشات.

دور التدخل المهني والتكنولوجي

فحوصات العين الدورية ضرورية، خاصةً للأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي لقصر النظر أو الذين تظهر عليهم علامات مبكرة لإجهاد العين. يستطيع أخصائيو صحة العين اكتشاف مشاكل خفية قد لا تكون واضحة للآباء أو المعلمين فورًا.

وتقدم التطورات التكنولوجية أيضًا أملًا جديدًا: حيث أظهرت العدسات اللاصقة المتخصصة التي تم تطويرها خصيصًا للأطفال الذين يعانون من قصر النظر التدريجي نتائج مشجعة في إبطاء تقدم الحالة مقارنة بالعدسات التصحيحية القياسية.

خلق بيئة صحية للرؤية

حماية بصر الأطفال تتطلب مسؤولية جماعية. يجب على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة في استخدام الشاشات، وأن يضمنوا جداول زمنية متوازنة؛ ويمكن للمعلمين الدعوة إلى فترات راحة منتظمة أمام الشاشات واللعب في الهواء الطلق؛ ويجب على مقدمي الرعاية الصحية الحث على التشخيص المبكر والتدخلات المناسبة.

كما إن خلق الوعي وغرس ممارسات العناية بالعين الصحية منذ سن مبكرة أمر بالغ الأهمية لضمان أن الأدوات الرقمية المخصصة لتمكين أطفالنا لا تؤدي في النهاية إلى المساس ببصرهم.

مع استمرار تطور العادات الرقمية، لا يمكن تجاهل التأثير طويل المدى على بصر الأطفال. ولا يمكننا مواجهة هذه الجائحة الصامتة بفعالية إلا من خلال الجمع بين الممارسات الوقائية والرعاية المهنية والحلول التكنولوجية. وبإعطاء الأولوية لصحة عيون أطفالنا اليوم، نضمن مستقبلًا أكثر وضوحًا وإشراقًا، مجازيًا وحرفيًا.

يمكنك أيضا قراءة