كبار السن أكثر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي
توصلت دراسة حديثة إلى وجود ارتباطات إيجابية بين استخدام الإنترنت والصحة العقلية بين كبار السن في 23 دولة. فقد سلط القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة الأسترالية بحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون سن 16 عامًا الضوء على الأضرار التي يمكن أن تسببها، وخاصة للشباب.
لكن الشباب هم مجرد شريحة واحدة من السكان الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي. ووفقًا لتقرير Digital 2024، يستخدم 78.3% من الأستراليين بانتظام منصات مثل Facebook وInstagram – بشكل أساسي للبقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة.
ولعل من المدهش أن نسبة كبيرة من هؤلاء المستخدمين هم من كبار السن. على سبيل المثال، يظهر تقرير Digital 2024 أيضًا أن 21.3% من جمهور إعلانات Meta في أستراليا (على Messenger وFacebook وInstagram) يبلغون من العمر 55 عامًا أو أكثر. وهذا يجعلها ثاني أكبر فئة عمرية بعد الفئة العمرية 25-34 عامًا (25.4%).
فماذا تقول الأبحاث عن كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة الاجتماعية ورفاه كبار السن؟
الحضور المتزايد لكبار السن على وسائل التواصل الاجتماعي
تتقلص الفجوة الرقمية مع تبني الأجيال الأكبر سناً لوسائل التواصل الاجتماعي. ووفقاً لبيانات صدرت في وقت سابق من هذا العام، فإن أكثر من 70% من الأستراليين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بدرجة ما.
يظل موقع فيسبوك الأكثر شعبية بين هذه الفئة السكانية، حيث يعمل كبوابة للتواصل مع العائلة والأصدقاء الذين فقدناهم منذ فترة طويلة. وبعيدًا عن إعادة التواصل، تشير أبحاثنا إلى أن كبار السن غالبًا ما يستخدمون هذه المنصات لمشاركة الذكريات والمشاركة في مجموعات المجتمع والوصول إلى الأخبار.
إن هذا الاتجاه المتزايد مدفوع بعوامل داخلية وخارجية. وتُظهِر الأبحاث أن العديد من المستخدمين الأكبر سناً مدفوعون برغبتهم في البقاء على اتصال بعائلاتهم، وخاصة الأحفاد، الذين غالباً ما يشاركون حياتهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
بالنسبة للآخرين، أدى جائحة كوفيد إلى تسريع اعتماد الأدوات الرقمية، مما جعل وسائل التواصل الاجتماعي شريان حياة خلال فترات العزلة.
اتصال معزز
توصلت دراسة حديثة إلى وجود ارتباطات إيجابية بين استخدام الإنترنت والصحة العقلية بين كبار السن في 23 دولة. كما تعمل وسائل التواصل الاجتماعي، على وجه الخصوص، من خلال:
الحفاظ على الروابط العائلية : توفر وسائل التواصل الاجتماعي لكبار السن مقعدًا افتراضيًا على طاولة العائلة. من خلال مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو والتحديثات، يمكنهم البقاء على تواصل مع حياة أحبائهم، بغض النظر عن المسافة المادية. تحظى منصات مثل WhatsApp وFacebook Messenger بشعبية خاصة للدردشات الجماعية العائلية الخاصة، مما يتيح لكبار السن تبادل الرسائل ومشاركة اللحظات في الوقت الفعلي.
إحياء الصداقات القديمة : أثبتت منصات مثل فيسبوك فعاليتها في إعادة ربط كبار السن بأصدقائهم الذين فقدوهم منذ فترة طويلة. وبالنسبة للعديد من الأشخاص، فإن إعادة زيارة العلاقات القديمة توفر شعوراً بالحنين والانتماء. وقد أظهرت الدراسات أن مثل هذه التفاعلات يمكن أن تعزز مشاعر الإدماج وتقلل من الشعور بالوحدة، وهو مصدر قلق كبير بين كبار السن.
بناء مجتمعات جديدة : توفر مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي المخصصة لاهتمامات محددة مثل البستنة أو التصوير الفوتوغرافي أو السفر لكبار السن فرصًا لتكوين علاقات جديدة. هذه المجتمعات الافتراضية هي مساحات شاملة حيث يتبادل الأعضاء النصائح ويشاركون الخبرات ويعززون الصداقات القائمة على الهوايات المشتركة.
تحسن الرفاهية
إن قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تعزيز التواصل بين كبار السن تؤثر بشكل مباشر على صحتهم. كذلك يمكن للتفاعلات المنتظمة عبر الإنترنت أن تقلل من مشاعر الوحدة والاكتئاب، وتوفر شعوراً بالهدف والانتماء.
تشير الأبحاث إلى أن المشاركة النشطة، مثل نشر الصور، ترتبط بشعور بالكفاءة لدى المستخدمين الأكبر سنًا، وهو ما يرتبط بالرفاهية. بالنسبة للبعض، فإن التحول إلى “مؤثرين كبار” على منصات مثل Instagram أو TikTok يفتح طريقًا غير متوقع للتعبير الإبداعي والتأثير الاجتماعي.
وتكتسب المنتديات الإلكترونية أيضاً زخماً كأداة للحصول على المعلومات الصحية والدعوة إلى ذلك. ويشارك كبار السن في مجموعات دعم للحالات المزمنة، ويتبادلون النصائح الصحية، بل ويشاركون حتى في مناقشات مدنية. وهذا يوضح الإمكانات الأوسع لمنصات التواصل الاجتماعي إلى ما هو أبعد من التفاعل الاجتماعي.
التحديات عبر الإنترنت
على الرغم من فوائدها، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لا تخلو من التحديات بالنسبة لكبار السن. قد يكون التنقل عبر الواجهة المعقدة للمنصات أمرًا مخيفًا بالنسبة للبعض. وتُظهِر أبحاثنا أن نصف كبار السن يشعرون بالقلق إزاء استخدام تقنيات الاتصال، وتعاني النساء الأكبر سنًا من القلق أكثر من الرجال الأكبر سنًا.
كما أن قضايا مثل مخاوف الخصوصية والمعلومات المضللة والاحتيال عبر الإنترنت يمكن أن تخلق حواجز أمام المشاركة. بالإضافة إلى ذلك، في حين تسهل وسائل التواصل الاجتماعي التواصل. إلا أنها لا تستطيع أن تحل محل عمق التفاعلات وجهاً لوجه.
تظهر أبحاثنا أن أولئك الذين يتمتعون بمعرفة رقمية أعلى هم أكثر عرضة لتجربة التأثيرات الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي. بسبب “التنشئة الاجتماعية الذاتية” المستمرة دون الحاجة إلى التفاعل مع الآخرين. مما قد يقوض التعلم والثقة. بالنسبة للآخرين، فإن المبادرات التي تهدف إلى تحسين المهارات الرقمية بين كبار السن. مثل برامج الإرشاد الرقمي، يمكن أن تعزز ثقتهم وقدرتهم على المشاركة بأمان عبر الإنترنت بشكل كبير.
جسر وحاجز
يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تبقي كبار السن على تواصل. لكن تأثيرها يعتمد على كيفية استخدامها. بالنسبة للعديد من الناس، يشكل الإنترنت رابطًا حيويًا للعائلة والأصدقاء والمجتمعات الجديدة. مما يثري حياتهم الاجتماعية ويقلل من عزلتهم. ومع ذلك، لإطلاق العنان لإمكاناته الكاملة، فإن معالجة الحواجز مثل الثقافة الرقمية والسلامة على الإنترنت أمر بالغ الأهمية.
مع تزايد اعتماد العالم على الوسائل الرقمية، فإن تمكين كبار السن من المشاركة بشكل هادف. مع وسائل التواصل الاجتماعي سيضمن بقائهم ليس فقط على اتصال. ولكن أيضًا كمشاركين نشطين في المشهد الاجتماعي سريع التطور.