محاور المشاهير عدنان الكاتب يحاور الفنانة اليابانية العالمية يايوي كوساما
“بنقطة بولكا واحدة، لا يمكن تحقيق أي شيء. في الكون، نجد الشمس والقمر والأرض ومئات الملايين من النجوم”.. هذه الكلمات من أشهر أقوال الفنانة اليابانية العالمية “يايوي كوساما” YAYOI KUSAMA التي أسرت مخيّلات كل من اختبر أعمالها الفنّية على مدى سبعة عقود من العطاء النابع من شغف خالص. بأشكال اليقطين المرحة، وغرف المرايا اللامتناهية، ونقاط البولكا الناعمة المتكررة، جعلتنا نعيد التفكير في كل ما نعرفه، منطلقة بحسب تفسيرها من أفكارها وحسها الإبداعي فقط، بحيث لا تخطط أبدا لما سترسمه بل تسمح لأفكارها بالتدفق في أرجاء ذهنها فتتبعها.
حصدت أعمال “يايوي كوساما” أعلى المبيعات بين كل الفنانات الموجودات على قيد الحياة اليوم، بفضل فنّها المختلف والمتعدد الوسائط والأساليب والأشكال، من الرسم إلى النحت والتركيب والكتابة وحتى تصميم الأزياء. فقد عبّرت عن حبها لعالم الموضة منذ ستينيات القرن الماضي حين صممت قطعا غريبة وجريئة ومستقبلية الطابع، ورسّخت هذا الاهتمام بمجال الموضة حين تعاونت للمرة الأولى مع الدار الفرنسية المرموقة “لويس فويتون” LOUIS VUITTON في عام 2012 ضمن مشروع حواري إبداعي كان الأنجح حتى الآن في تاريخ الدار الفاخرة. اليوم، بعد مرور عشر سنوات على ذلك التعاون الأيقوني، يتبلور الفصل الثاني من قصة لقائهما ضمن أكبر وأشمل تعاون فنّي في تاريخ “لويس فويتون” التي لطالما جمعتها علاقة وطيدة بعالم الفن ومواهبه التي تنخرط في مبادراتها المبنية على تصوّر وجهات نظر جديدة لمجال التصميم الفاخر. ولهذه المناسبة، كان لي هذا الحوار الحصري مع صاحبة الموهبة الإبداعية الاستثنائية “يايوي كوساما”.
انصهار عالمَين
تزامن الكشف عن إطلاق المجموعة الكبسولة الجديدة مع الذكرى العاشرة للتعاون الأول بين “يايوي كوساما” و”لويس فويتون”، والذي صارت قطعه قابلة للجمع، وما زالت مطلوبة للغاية. تحمل المجموعة الجديدة اسم “خلق اللانهاية” CREATING INFINITY، وهي لانهاية تبدو نابعة من آلاف النقاط التي تجتمع في حركة لا حدود لها، وتنفجر بألوانها وحيويتها فوق قطع أيقونية من “لويس فويتون”.
تتألف التشكيلة من ملابس جاهزة، وسلع جلدية، وإكسسوارات، وعطور تدمج بين لغة التصميم المرتبطة ارتباطا وثيقا بهوية الدار ورؤية “كوساما” الفنّية المتجلية في رسومها النمطية المعروفة، بالتركيز في المقام الأول على انبهار الفنانة بنقاط البولكا. ونرى تلك النقاط في هذه المجموعة الجديدة تتكرر على أسطح جلدية وقماشية، بعد أن تمّت طباعتها بتقنية الشاشة الحريرية لتحاكي ضربات فرشاة “كوساما”.
ولإطلاق ثمار التعاون الجديد، الذي أعطتنا “لويس فويتون” اللمحة الأولى عنه خلال عرضها لمجموعة “كروز” 2023 في شيكاغو، عملت الدار على حملات ترويجية خاصة بالمجموعة ونشاطات كثيرة مميزة تلقى تفاعلا كبيرا مع عشاق الدار والموضة الفاخرة والفن.
كما قررت تزيين بعض أهم متاجرها الرئيسة حول العالم بتركيبات فنّية وديكورات جريئة ومنحوتات ومجسّمات ضخمة تكرّم فن “يايوي كوساما” وشخصيتها.
متجر الدار الشهير على شارع “شانزليزيه” الباريسي مثلا زيّن واجهته بالنقاط المتعددة الألوان وبمجسّم ضخم للفنانة “كوساما” موضــوع علــى سطـــح المبنـــى، ولمـــــدينـــة طــوكيـــــــو اختــارت الـــدار وضــــع منــــحوتــــــة كبيـــرة تجـــسّــد الفنــانـة الــيـــابــــانــيـــــة، ولعنوانها علــى جادة “فيفث أفنيو” النيــــويـــوركيــــــة وضعت روبوتـــا علـى شـكـــــل “يــايـــوي كــوسـامــــا” يرسم نقاطها الشهيرة على الزجاج.
في حواري مع “يايوي كوساما” YAYOI KUSAMA التي تحتفل هذا العام بعيدها الرابع والتسعين، نغوص أكثر في عالمها باعتبارها أحد أهم الفنانين في تاريخ اليابان وأحد أنجح الفنانين الأحياء اليوم.
كيف تنعكس جوانب عملك وحياتك على تعاونك مع “لويس فويتون” في عام 2012 واليوم؟
شأنها شأن الفن، بإمكان الأزياء الجميلة أن تكون مصدرا للإلهام والبهجة، وأن تساعدنا في مواجهة العقبات الصعبة التي تضعها الحياة على طريقنا بكل شجاعة وجرأة.
هل تعتقدين أن مشروع 2012 نجح في فتح عيون شريحة أكبر من الجمهور على أعمالك؟ وما الذي تتمنين أن يحققه مشروعك الحالي؟
خلال مشروعي السابق، تلقيت استجابة رائعة من الناس في كل أنحاء العالم. وفي هذا المشروع أيضا، أود أن أشارك الجميع فلسفتي وأفكاري الفنية.
ما الدور الذي تؤديه الأزياء في حياتك وعملك؟ وكيف أثرت في هويتك ورؤية الأشخاص الآخرين لك، بدءا من طريقة تأنقك في بلدك الأم خلال فترة شبابك، مرورا بطريقة تنسيق أزيائك خلال سفرك إلى أمريكا وتأسيس شركة “كوساما” للأزياء، ووصولا إلى طريقة ارتداء ملابسك اليوم؟
لطالما كنت أصنع ملابسي الخاصة منذ مرحلة المراهقة، كما أنني كنت أدير شركة متخصصة في الموضة والأزياء في فترة الستينيات. في ذلك الوقت، كانت الموضة والفن بوجه عامّ يسيران في اتجاهين مختلفين تمام الاختلاف، ولكنني لم أفرق بينهما قط.
لا أرى أن هناك اختلافا بينهما؛ وهو ما ساعدني في استكشاف مجالات جديدة.
لقد استعنت بالكثير من الوسائط، وهي وسيلتك المفضلة للتعبير عن نفسك، فهل تجدين هذا الأمر سهلا أم صعبا؟
بالنسبة لي، تتشابه جميع وسائط التعبير وتكون على القدر نفسه من الأهمية. ودائما ما أهدف إلى إتقانها كلّها وتحقيق الريادة.
ما العمل الفني أو مجموعة الأعمال التي انتهيت منها وكانت المفضلة لديك؟
كل ما ابتكرته من أعمال حتى الآن جاء من أعماق روحي. وحاليا أكرسّ جهودي للعمل على مجموعة جديدة تحت عنوان “كل يوم أدعو من أجل الحب” EVERY DAY I PRAY FOR LOVE.
ما القطع المفضلة لديك من مجموعات “لويس فويتون وكوساما”؟
لقد أذهلتني روعة المنتجات المزينة برسوم مستوحاة من مجموعة لوحاتي بعنوان “روحي الأبدية” MY ETERNAL SOUL.
هل تعتقدين أنك حققت معظم ما عقدت العزم على تحقيقه في عملك وحياتك؟ ما مدى العزيمة والإصرار اللذين تطلبهما الأمر؟
لقد ناضلت كثيرا لأسطّر تاريخا جديدا في المستقبل بأسلوب ريادي عنوانه التفاني في العمل. أؤمن بأهمية الوقت الحالي بالنسبة لي لابتكار فن جديد، وكل يوم أعمل من صميم روحي وقلبي.
إذا تسنى لك اختيار حياة بديلة بخلاف كونك فنانة، فما هي تلك الحياة؟
لا يمكنني أن أتخيل أي حياة أخرى بعيدة عن الفن.
متى وأين كنت في أسعد حالاتك؟
كنت أعيش الفقر، بل لم يكن لديَّ من الطعام ما يسدُّ جوعي، ولكنني الآن في أفضل أوقات حياتي؛ لأنني أعيش في بيئة تمكنني من تكريس جهدي للرسم من الصباح إلى المساء.
هل ترغبين حقا في الغناء في الموقع المخصص للمشروع؟ ما الأغنية المفضلة لديك؟
أغنية MANHATTAN SUICIDE ADDICT التي كتبت كلماتها ولحّنتها بنفسي.