عدنان الكاتب يحاور Diego Della Valle رجل المال والأعمال والرياضة
ميلانو: عدنان الكاتب Adnan Al Kateb
استمتعت كثيرا خلال حواري مع Diego Della Valle رجل المال والأعمال والرياضة الشهير في إيطاليا والعالم، والاستماع إلى قصته الطويلة وحكاية شركتهم العائلية “تودز” Tod’s التي بدأت مع جدّه قبل حوالي مئة عام. واكتشفت عن قرب كم إنسان رائع ومميز ويملك خبرة كبيرة في عالم الجمال والموضة والاكسسوارت، وأكد أن همه الأول الحفاظ على إرث وتقاليد هذه الشركة الإيطالية العريقة. ومن هنا كانت بداية الحوار.
كيف تحافظون على إرث العائلة والسركة في ظل المتغيرات الجديدة في عالم الموضة والاكسسوارات؟
لن نغير يومًا محور تركيزنا الحقيقي، فهويتنا ترتكز على نقطتين مهمتين. النقطة الأولى هي الجودة والمنتجات المصنوعة يدويًا، وهو أمر نادر جدًا في العالم اليوم. أما النقطة الثانية فهي الترجمة المثالية لنمط الحياة الإيطالي. وعلى هذا الأساس تنمو شركتنا وتكبر، حتى صارت اليوم إحدى أكبر الشركات في عالم الجودة والفخامةما علينا فعله هو ألا نتغير وألا ننسى نقطة تركيزنا، خاصة بعد وصول وسائل الإعلام الجديدة. ونحن اليوم في صدد ترجمة رسالتنا الأساسية إلى اللغة الجديدة، لأن الحديث عن ما يقع خلف الجودة ليس بحديث عن الروك أند رول. يفضّل الناس عمومًا والجيل الجديد خصوصًا أن يتلقوا الرسالة في مفاهيم مرحة وأفكار مسلية وممتعة. وهذا ما نفعله اليوم. كما نركز على إطلاق منتجات فريدة وغريبة ومسلية ومضحكة وجذابة. نحن نفتخر بمئات آلاف المتابعين والمحبين لدارنا منذ سنين عديدة. ولا تزال علامتنا تجذب الناس بفضل منتجات رائعة وجذابة جدًا مثل حذاء “غومينو” وحقيبة “ستيلا” التي يعشقها الناس.
“تودز” إسم مرادف لأجود أنواع الجلد. ماذا يعني لك الجلد؟
الجلد روح شركتنا. نحن خبراء في الجلد. لا يزال الجلد الإيطالي الجلد الأفضل في العالم لبعض أنواع المنتجات. وأنا أحب الجلد كثيرًا، إنه المادة التي أعمل بها. أحب أن أشمه وألمسه خاصة حين يكون بجودة عالية نفيسة. الجلد يصنع الفرق.
جيلنا كبر مع “تودز” ويعرف تاريخها. لكن الجيل الجديد اليوم صعب جدًا. في ظل المنافسة العالمية الشرسة، ما الذي ستقوم به “تودز” في المستقبل لتحافظ على المركز الأول؟
المركز الأول رقم طموح جدًا. أتمنى أن نبقى في قائمة الماركات الخمس أو الست الأفضل. أعتقد أنه علينا أن نغير نوع الرسالة التي نبعثها إلى الجيد الجديد. قد لا يعبّر الجيل الجديد عن رغبته في الاطلاع على القصة وراء المنتجات العريقة التاريخية، لكنهم يحبون الجودة الثابتة والحكاية خلفها. ما علينا القيام به هو أن نشرح قصتنا إليهم باللغة ذاتها، ربما عبر الاستعانة بشخصية شهيرة مثل فنان عالمي أو رياضي محبوب. يفهم الناس هذا النوع من الرسائل في دقيقتين.
معدّل أعمار زبائننا يتراوح بين ال35 وال45. وهو معدل نحبه حقًا لأنه يشكل فئة زبائن لا يغيرون الماركات كل موسم. إنهم زبائن أوفياء يتابعون الماركات القوية ويبحثون عن الحصرية. ومن المهم جدًا اليوم ألا نخلط بين الجودة والحصرية والمكانة من جهة ومنتجات السوق الضيقة والواسعة من جهة أخرى. أتذكر أنني حين كنت شابًا، كنت أحب التغيير والتبديل بشكل مستمر. المهم أنه حين تقرر التغيير، لا تغيّر لأي سبب، بل لأنك تحب التغيير. علينا أن نبقى في أفضل جزء من هذه الصناعة، والجزء الأفضل هو معدل الأعمار الذي ذكرته. الجيل المولود في نهاية الألفية السابقة وبداية الألفية الجديدة لعبة خطيرة، لكنه جيل أحبه ولدي إبن من ذلك الجيل.
ما هي أهم نصيحة تقدمها إلى فريق عمل”تودز”؟
لن ننسى هويتنا ووجهنا. من الخطير جدًا أن نغير شخصية المنتج كل شهرين مثلًا. لذلك نحافظ على شخصيتنا. ولا يجب أن ننسى نمط حياة زبائننا. إنه نمط الحياة الإيطالي. وهي حياة جميلة جيدة، وليست مبالغة أو متطرفة.
الناس يثقون بالماركات الإيطالية…
يحب الناس عمومًا نمط الحياة أو اللايفستايل الإيطالي. فهو طريقة عيش بسيطة مع طعام لذيذ ومناظر طبيعية خلابة وجزر جميلة ومدن جذابة وثقافة غنية… وفي “تودز”، هناك قطعة صغيرة من كل شيء.
هل من سوق معينة تركزون عليها اليوم؟
أعتقد أن أكبر أسواقنا سوق أوروبا وسوق آسيا، والشرق الأوسط ضمن آسيا. السوق الآسيوية جيدة جدًا اليوم باستثناء هونغ كونغ التي تشهد عودة تدريجية. والسوق الأمريكية لا بأس بها.
نلاحظ أن الكثير من سكان آسيا يفضلون شراء المنتجات الفاخرة من أوروبا مثلًا، ولا يشترونها من متاجر الماركات الفاخرة الموجودة في بلادهم.
تتبع الماركات الفاخرة المقاربة ذاتها تقريبًا. الكل ينطلق من الاستراتيجية نفسها. نحاول تحقيق توازنًا، لكننا لا نتحكم بالعملات الدولية. فقد يكون الشراء في بعض الأسواق ملائمًا أكثر. لذلك لا نركز اليوم على البيع في المنطقة الجغرافية بل على مبيعات بطاقات الائتمان، فقد تشتري ربما بطاقة ائتمان صينية القطع في باريس. لا نقارن كثيرًا بين الدول، ولم يعد الفرق يؤثر كثيرًا خاصة بعد انتشار التجارة الالكترونية. كل الشركات بإمكانها أن تصبح عالمية اليوم. قد يكون شراء حذاء من “تودز” أو “روجيه فيفييه” أسهل وأنسب في باريس، لكنك إذا كنت تريده الآن فتشتريه الآن.
هل تتذكر قطعًا معينة صممت خصيصًا وحسب طلب شخصيات بارزة مثل نجوم الفن أو أفراد العائلات الملكية؟
بعض الطلبات سرية. لكن عادة حين نطلق تشكيلات بإصدار محدد أو كمية محدودة أو مجموعة كبسولة، يتصل بنا بعض الأصدقاء لمحاولة الحصول على قطعة منها. فيعشق الناس عمومًا امتلاك منتجات محدودة الكمية ويتهافتون عى اقتنائها. ونحن قدّمنا الكثير منها عبر السنين، فلدينا قسم كامل مخصص للإصدارات المحدودة.
أنا أيضًا أحب اقتناء القطع الاستثنائية. لست مثلًا بحاجة الآن إلى شيء محدد، لكن إذا سمعت عن منتج محدود الكمية أو منتج قابل للجمع، قد أحاول شراءه مثل سيارة أو قلم أو ساعة. إنها عقلية، وأعتقد أن الناس عادة يحبون امتلاك شيء مميز.
سنطلق قريبًا مشروعًا عالميًا مع حذاء “غومينو”، بحيث يستطيع الزبون في بوتيكنا أن يختار على الآيباد التصميم الذي يريده مع احتمال ابتكار 2000 خلطة. وبعد أن يصمم الزبون حذاء حسب ذوقه، يصل إليه الزوج المحدد الخاص به بعد 30 يومَا.
ما هي قطع “تودز” الأيقونية المفضلة لديك؟ أحذية وحقائب؟
بالنسبة إلى الحقائب، سأختار حقيبتين. الأولى حقيبة “دي باغ”D-Bag . والثانية حقيبة “سيلا” Sella (أي سرج بالإيطالية) المستوحاة من عالم الفروسية. حقيبة “سيلا” عالية الجودة ومعقدة الصنع ومن المستحيل تقليدها بالجودة ذاتها. إنها جميلة الشكل ومصنوعة من أجود المواد في العالم، لكنها في الوقت نفسه عملية جدًا وهذه صفة تحتاجها كثيرًا المرأة اليوم.
أما في الأحذية، فسأختار حذاء “غومينو” الشتوي لأنه كان اختراعًا عند إطلاقه. كان زبائننا في ذلك الحين يعتبرون النعل الجلدي فخمًا والنعل المطاطي فقيرًا. فنجحنا في تغيير هذا المفهوم، وصار الجميع يستعمل النعل المطاطي اليوم حتى في معظم الأحذية الرسمية. كان من الصعب من منظار تسويقي أن نقنع الناس بالنعل المطاطي بالرغم من أن المطاط مادة أكثر خفة وليونة وهي أفضل من الجلد في المطر. كان أصدقائي وأصدقاء والدي يقولون إنه امر مستحيل أن نغير العقلية السائدة وأن الجلد هو الجلد والمطاط رخيص. واليوم صار النعل المطاطي هو السائد حول العالم.
ما رأيك بالمرأة العربية؟
إنها تشبه المرأة الإيطالية، وبخاصة في علاقتها مع زوجها وعائلتها. لدي بعض الأصدقاء المقربون جدًا من عائلتي في الشرق الأوسط ودبي. وحين أرى عائلاتهم أتذكر عائلتي، فيعيشون الحياة البسيطة الجميلة على قيم الثبات والقوة والمسؤولية والكرامة والعمل الشاق. يشبهوننا كثيرًا.
بالانتقال إلى حياتك الخاصة. ما أول ما تقوم به حين تستيقظ؟
أستيقظ باكرًا جدًا حوالي الساعة الثالثة والنصف أو الرابعة صباحًا. لا أنام كثيرًا. الأمر يتوقف على المكان الذي أتواجد فيه. حين أكون مسافرًا، أول ما أقوم به هو الاطلاع على الأخبار على جهاز الآيباد. حين أكون في مزرعتي صيفًا أو شتاءً، أذهب في نزهة على القدمين مع كلبي، فالمشي مهم جدًا للصحة.
وأتناول وجبة فطور خفيفة، ثم أبدأ العمل عند الساعة السابعة أو السابعة والنصف.
هل تعتبر نفسك مدمن عمل؟
أعمل كثيرًا لكنني لست مدمن عمل. لا أحب حين يتحدث الناس حتى في عطلة نهاية الأسبوع عن العمل طوال الوقت. أعشق عيش حياتي الخاصة وأحب أصدقائي. العمل جزء من الحياة، لكنه ليس الحياة بأكملها.
ما هي أفضل نصيحة تعلمتها من عائلتك؟
لدي شعار واحد وهو يتألف من ثلاث كلمات: الكرامة، والواجب، والمرح. ويجب أن تبقى العبارة في هذا الترتيب. هذا الشعار يلخص كل شيء. حتى المرح والمتعة مهمان، ويجب أن يفهم ذلك الجيل الشاب الذي يعتقد أن الحياة قاسية فقط.
ما هو أكثر شيء تخاف منه؟
وضع عائلتي الصحي.