نيكول كيدمان تروي أسرارها لمحاور المشاهير عدنان الكاتب
حوار: عدنان الكاتب Adnan Al Kateb
في ميلانو التقيت الشهر الماضي مع النجمة الأسترالية نيكول كيدمان، وتعرفت عن قرب على هذه الشقراء الساحرة والأم الطيبة والمرأة الناجحة، والجميلة ببشرتها الخزفية كالبورسلان وعينيها الزرقاوين الثاقبتين. وكأنها دمية تبدو لمن يراها خيالية غير حقيقية، لكنها تعيد من يسمعها إلى عالم الواقع لحظة تبدأ بالتكلم فتشعّ أنوثة، وحكمة، ودفئًا، ومحبة… فهي كما تقول “تختار الحب” دائمًا وأبدًا.
احتفلت نيكول كيدمان في ميلانو بعامها العاشر مع دار الساعات السويسرية الفاخرة “أوميغا”Omega ، كما احتفلت بالمرأة وبالأناقة وبالوقت في إفتتاح معرض “هر تايم”Her Time الذي نظمته الدار لسرد روياتها في صناعة الساعات النسائية على مدى أكثر من 100 عام. وكذلك لسرد قصة التزامن بين الوقت والموضة، وعرضت فيه ساعات فاخرة خالدة بالإضافة إلى أعمال فنية وإعلانات قديمة للدار تصوّر نساء في أنماط حياة مختلفة.
نيكول كيدمان الممثلة والمنتجة التي عرفناها في أدوار متنوعة أغنتها وأحيتها بحضورها القوي لعبت دور البطولة في أفلام كثيرة ناجحة في التسعينات وفي بدايات هذه الألفية، مثل “الساعات”The Hours الذي حصد لها جوائز مرموقة من “أوسكار” إلى “بافتا” و”غولدن غلوب”. وتشارك هذا العام في بطولة فيلم “السر في عيونهم”The Secret in their Eyes إلى جانب جوليا روبرتس، كما تعود بعد غياب 15 عامًا إلى مسارح “وست إند” في لندن في مسرحية ” الصورة 51″Photograph 51 حيث تلعب دور العالمة البريطانية الراحلة روزالند فرانكلين التي ساهمت في فهم الحمض النووي.
لنبدأ بعلاقتك الوطيدة، مع دار “أوميغا”.. ماذا تخبريننا عنها؟
أشعر بأنهم عائلتي. تعرفت على “أوميغا” منذ 10 أعوام، وتتميز أعمالها بالحصرية والكثير من النزاهة والوفاء. كما أنهم من ألطف الأشخاص الذين يمكن العمل معهم، وأكثرهم دعماً لبرنامج “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” الذي أشغل فيه منصب سفيرة للنوايا الحسنة. وبالتالي، هم فاعلون للغاية في مجال حقوق المرأة. ويتمحور هذا المعرض والحملة حول إظهار هذا الأمر، حتى أنهم نظروا إلى النساء كسوق توازي في الأهمية سوق الرجال خلال أوائل القرن الماضي، وهي فترة لم تشهد بمعظمها تشجيعاً للمرأة على ارتداء الساعات. إنه أمر رائع من وجهة نظري ويؤكّد على توجهات هذه الشركة.
في “أوميغا” يريدون للمرأة ان ترتدي الساعات ليس فقط لأنها أنيقة وعملية، ولكن أيضًا دعمًا منهم لنمط حياتها فيريدون منهنا إدارة وقتها بكفاءة.
أخبرينا المزيد عن الأعمال الخيرية، وخاصة ما تقومين به لخدمة النساء؟
أعمل مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة منذ 12 عاماً، وهي فترة أطول من السنوات العشر التي قضيتها في العمل مع “أوميغا”. ومنذ اللحظات الأولى، بدت “أوميغا” مهتمة جداً بالعمل الذي أقوم به لصالح هيئة الأمم المتحدة للمرأة؛ وأظهروا رغبتهم بدعم عملي كسفيرة للنوايا الحسنة. ولطالما تركزت أعمالي في الهيئة الأممية على العنف ضد المرأة، والمساواة، وتغيير القوانين ذات الصلة حول العالم. وعملت جاهدة لتعزيز مكافحة العنف ضد المرأة بأسلوب نتمكن فيه من محاسبة الجناة وإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة، أو جعلهم يتحملون العواقب على أقل تقدير. ولعبت “أوميغا” دوراً مساعداً في العديد من حملات التبرع، وحاولت الاستفادة من مختلف الفعاليات لتسليط الضوء على مثل تلك المسائل المهمة. ومن الجيد أن يكون لدينا علامة تجارية مرموقة تعنى بحقوق المرأة. وفيما شهدت الأربعينات والخمسينات الكثير من التمييز بين الرجل والمرأة، لم يعر الآخرون بالاً لتسويق منتجاتهم للنساء، بينما عملت “أوميغا” على تسويق ساعاتها الخاصة بالنساء، وهو أمر شديد الروعة. مررنا بأوقات لم تحظ فيها النساء بتشجيع على ارتداء الساعات، وأوقات أخرى اضطرت فيها النساء ارتداء الساعات بشكل مخفي ضمن قلادات أو تحت شيء ما. تغيّرت الأزمنة، وهو تغيير واضح وضروري أيضاً.
هل تنظرين إلى الساعات كأكسسوارات تدل على الزمن، أو كمجوهرات مميزة ترتدينها حول معصمك؟ وهل تفضلين نوعاً معيناً من الساعات؟
أجمع الساعات منذ سنوات عديدة. المعرض الذي تنظمه “أوميغا” يلقي الضوء على كل ساعاتها من العام 1902 التي أعشقها. ولطالما قلت لهم “عليكم أن تعرضوا ساعاتكم القديمة الكلاسيكية، لأنها رائعة وتعكس تاريخكم العريق”. وأعتقد أن الناس يندهشون عند الاطلاع على روعة وتألق هذه الساعات الفاخرة، فتبدو تصاميم كثيرة منها كقطع مجوهرات للوهلة الأولى.
وفي حياتي اليومية، لا أراقب الوقت على هاتفي الجوال فقط، بل أحب أن أرتدي ساعة وأن أعرف الوقت بدقة. وأحب أن أدرب أولادي على معرفة الوقت بشكل دقيق. لذلك أحرص على أن يروني أرتدي ساعة في معصمي، فارتداء الساعات يحمل في طياته الأناقة والرقي. كما أنني أثرت على زوجي الذي أصبح خبيراً في الساعات أيضاً. أعتقد أن الأمر مرتبط بالتاريخ والهوية وفي الطريقة التي تحوَلت فيها ماركة “أوميغا” لتنتج ساعات تتناسب مع نظرتنا العصرية إلى الساعات، حيث يمكن لهذه الساعات أن تكون رياضية، أو مائية، أو أكسسواراً جميلاً يناسب الأمسيات الراقية. أنا معجبة جداً بآلية عمل هذه الساعات وبأناقتها، وأيضاً بالتكنولوجيا وراء صناعتها، خصوصاً إضافتهم لعقرب الثواني في العام 1940 لقياس النبض.
أحب الساعة التي يمكن ارتداؤها كقطعة مجوهرات. كما أحب الساعات الرياضية لكوني رياضية. وأحب الساعات التي بوسعها تقديم الكثير من المعلومات، كما أحب عقرب الثواني. قد أضع أيضًا ساعة رجالية مع تي-شيرت لأنني أحب حزامها الجلدي وحجمها الكبير. أمتلك ذوقاً متنوعًا حقًا.
ما الميزة الجديدة التي قد تضيفينها إلى ساعة إن تسنت لك فرصة صناعتها؟
أن تستطيع التحدث إليّ.
وما الذي تودين أن تقوله لك؟
الوقت المتبقي لي للوصول في الموعد المحدد. أنا أحب الدقة في المواعيد، وقد عملت مؤخراً مع مخرج يولي دقة المواعيد أهمية خاصة. وأقتبس قوله: “التأخير لمدة خمس دقائق يعني أن الأوان قد فات”. لذلك أقدر احترام المواعيد. ومن الرائع أن يظهر الناس في الموعد المحدد ويعملون وفقاً لذلك. ويشبه ذلك تنفس الهواء النقي لأن الكثير من الناس متأخرون في الواقع. ويتملكني إحساس بالخوف في الأماكن والمدن التي لا يمكنني فيها توقع حركة المرور. وقد نضطر أحياناً، زوجي وأنا، إلى الوصول متأخرين 5 أو 10 دقائق عن الموعد المحدد لإيصال ابنتينا إلى المدرسة، وأذكر أن صغيرتنا سوني قالت مرة: “لا أود الوصول متأخرة، أنا محرجة”. لقد شعرنا بالسعادة لأننا نجحنا في تعليمها ذلك. وهكذا، فإننا نصل دائماً قبل 5 دقائق من الموعد المحدد، فتدخل سوني إلى المدرسة بفخر. من المثير للاهتمام أن ترى فتاة لم يتجاوز عمرها 7 سنوات بمثل تلك المراعاة للمواعيد والخوف من الحضور متأخرة.
نظراً إلى ضيق وقتك في كثير من الأحيان، ما قيمة الساعات بالنسبة إليك؟
دائماً ما استخدم الساعات للحفاظ على المواعيد. ونحن نعلم بناتنا قراءة الوقت، وتمتلك كلتا الصغيرتين ساعاتهما الخاصة. ويعود سبب ذلك إلى اعتقادهما أن احترام الوقت والمواعيد شكل من أشكال الاحترام والأخلاق الحميدة، وتعد مسألة تعليمهم هذا الأمر جزءاً من واجبنا كأبوين. كما أعتقد أن هذا يعود لأخلاقيات العمل التي لازمتني خلال نشأتي، حيث كان الوقت مهماً للغاية بالنسبة لأمي. وعلمتني بعد ذلك، عندما بدأت العمل وكان عمري حينها 14 عاماً، أنه من غير الممكن لي أن اتأخر 15 دقيقة عن موعد تصوير فيلم ما، وإلا سأقع في العديد من المتاعب. ولذلك، أعتقد أن امتلاكي لأخلاقيات العمل بعمر مبكر وامتناني الشديد لحصولي على العمل دفعاني لأكون من الأشخاص الذين يفضلون القدوم مبكراً. وهو أمر أحاول الا أفعله الآن لأنه يوازي التأخير سوءاً. تخيل إن قمتَ بالذهاب إلى منزل أحدهم لحضور حفل عشاء ووصلت قبل الموعد بعشر دقائق! أنا لا أحب أن يأتي ضيوفي قبل الموعد المحدد، حيث أكون مشغولةً بالتحضير. لذلك، أنا فعلاً أقدّر الدقة في الوقت والمواعيد.
ماذا يعني لك الوقت؟
يدرك المرء كيف تسير الحياة بسرعة عندما ينجب أطفالاً. أذكر ذاك اليوم عندما أرتني ابنتي فيديوهات لها مسجلة على جهاز ipad، حين كانت تبلغ ثلاث سنوات من العمر فقط وكانت في طور تعلم القراءة، عندها تأثرت كثيراً لأنها تبلغ من العمر السابعة الآن، فقد أحسست أن أربع سنوات مرت بلمح البصر. يصعب عليَ تقبل مثل هذا الأمر فوتيرة الحياة السريعة تحزنني، وبالطبع يصبح هذا الأمر جلياً مع تقدم الإنسان بالسن، حيث يسعى حينها إلى إبطاء الزمن. يريد الكثير من الناس اليوم إبطاء سير الحياة ويطلقون على هذه الرغبة مصطلح “إبطاء الزمن”، حيث يتناول وفقه الناس طعامهم ببطء ويتحركون ببطء شديد. أدعم هذه الفكرة لأننا لا نختبر حياتنا بالقدر الكافي، فنستعجل كافة الأمور ونسعى دوماً إلى امتلاك المزيد. أثناء قراءتي لأحد المقالات بعنوان “الحركة البطيئة” التي أناصرها بشدة، فكرت بتسارع وتيرة حياتنا وكيف أصبحنا قادرين على القيام بالعديد من الأمور في وقت واحد، مثل الطبخ والتحدث على الهاتف وإرسال البريد الالكتروني في وقت واحد، وبصراحة لا أرى هذا الأمر تطوراً إيجابياً.
كيف تمضين معظم وقتك الثمين؟
مع عائلتي. في هذه المرحلة من عمري، فإن مسألة المشاركة في أي عمل مثل المسرح هي قرار عائلي. لا أتخذ قراراتي بنفسي، أو لنفسي؛ وإنما هي دائماً قرارات جماعية. حتى أن صغيرتي ذات السنوات الأربع لديها الحق بالتعبير عن رأيها. وإن قالوا “نحن لا نريدك أن تقومي بذلك يا أمي”، فإنني لن أقوم به؛ ولكنهن الآن لسن كذلك، إنهن مغامرات صغيرات، كما هي الحال مع زوجي الذي أمضى حياته كلها في التجوال، لذلك هو معتاد على استكشاف العالم. حتى أننا نطلق على أنفسنا اسم “السيرك المتنقل”. عائلتي وقضاء الوقت معها هو الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لي. أعلم بأن ذلك قول مبتذل، ولكن الوقت معهم يمر بسرعة، الأمر الذي يصيبني بالإحباط. لذا لا أود التفريط بأي لحظة منه.
ما هي الأوقات التي تودين العودة لذكراها مجدداً، وما هي الأوقات التي تفضلين نسيانها؟
يا إلهي. أحاول ألا أقول “أود أن أنسى شيئاً ما” لأنني أقول دائماً لنفسي “حسناً، عليّ أن أتعلم من هذه التجربة، وما بعد الضيق إلا الفرج”. تزيدنا التجارب خبرة في تحديد الصواب والخطأ، وبالتالي فإن الأمر يتخطى النسيان إلى التغلب على العقبة والتعلم منها. وكم أتمنى أن أحظى بالمزيد من الوقت. وكم أحب التواجد في هذا العالم. في لحظة ما، لن يكون ذلك متاحاً، ما يثير في نفسي شيئاً من الإحباط. وفي الحقيقة، إنني أود التواجد مع أطفالي لأطول فترة ممكنة، بصحة جيدة وقدرة على تقديم الدعم لهم. وإن لم أستطع العناية بهم بشكل كامل، فإن التواجد معهم يتيح لي تقديم العون عند الضرورة، وهو ما أقوم به مع والدتي.
ماذا تفعلين إن توفر لديك يوم واحد أو دقيقة واحدة او ساعة واحدة من وقت الفراغ؟
إن كانت لدي دقيقة واحدة سأمضيها في أحلام اليقظة أو التأمل. أحب الجلوس والتأمل بهدوء. وفي حال توافرت ساعة واحدة، أحب الجلوس على الأرض واللعب مع أطفالي. فقد قرأت مقالاً يتحدث عن أهمية النزول إلى مستواهم واللعب معهم لمدة ساعة يومياً، وذلك يحيي الطفل الذي يعيش داخلي.
إن كان لدي يوم واحد؟ أحب الإفطار فهو وجبتي المفضلة. لذلك، سأرغب بتناول وجبة إفطار هادئة. وبعدها أقرأ الجرائد وأمارس السباحة.
وإن كنت في سيدني، أحب الذهاب إلى الشاطئ حتى وإن كان لوني شاحباً بشكل لا يصدق. وأرتدي ملابس سباحة طويلة وغير جذابة على الإطلاق، التي غالباً ما تضحك الناس الموجودين وحتى أولادي. ولكن هذا ما سأفعله .