
يسرا سنيين من الفن والإبداع
تعتبر يسرا السيدة السبعينية، المولودة داخل سيارة أجرة، في 10 مارس 1955، التي اقتحمت الساحة الفنية صغيرة، تعشش في ذاكرة الأجيال المتعاقبة بصفتها من رموز السينما المصرية، بدليل تَسَمُّر الناس أمام الشاشات، كلما ظهر طيفها في فيلم عادل إمام «طيور الظلام»، أو في فيلم «معالي الوزير» مع أحمد زكي، أو عندما تناقش قضية تحث على احترام المرأة وحياتها وشخصيتها وقراراتها وإنسانيتها، كما في «قضية رأي عام»، أو «لدينا أقوال أخرى».
أثبتت يسرا نفسها كواحدة من أهم الممثلات في مصر والعالم العربي، إذ تجيد أداء أدوار متنوعة، من الكوميديا إلى الدراما والتراجيديا، كما تستطيع يسرا أن تتقمص الشخصيات التي تؤديها ببراعة، ما يجعل المشاهدين يشعرون بأنهم يعيشون معها الأحداث، ولديها ميزة التعبير عن المشاعر بصدق، ما يجعل أداءها مؤثرًا ومقنعًا، بحكم خبرتها وقدرتها على التحكم في تعابير وجهها، ولغة جسدها ببراعة.
ومن الجدير بالذكر، فقد أصبح تكريمها في مهرجان «الجونة السينمائي الدولي» بدورته الثامنة، مبررًا ومفهومًا ومقدّرًا، للالتفات إلى الأيقونات الفنية في أوج عطائها.
ويعتبر توثيق مسيرة يسرا الفنية والإنسانية جزء من رد الجميل إلى سيدة أفنت عمرها في ساحات الفن، وقدمت مئات الشخصيات التي تختزل آلام الناس وأفراحهم، فكانت معهم في كل لحظاتهم.
«عادل إمام ويسرا».. ماركة مسجلة:
لا يمكن ذكر اسم «الزعيم» عادل إمام إلا ويذكر اسم يسرا معه، فقد شكّل الثنائي حالة فنية خاصة على مستوى الوطن العربي، إذ ظهرا في 15 فيلمًا سينمائيًا، وقد حققت كلها نجاحًا لافتًا، وتصدر معظمها شباك التذاكر في مصر والدول العربية إبان عرضها، طبعا لم يكن جمهورهما يتخيّل أن يظهر أحدهما دون الآخر، فقد ظل الثنائي يعملان معًا لأكثر من 31 عامًا، دون أن يكررا نفسيهما أو يشعر المشاهد بالملل، ابتداءً من فيلم «شباب يرقص فوق النار» عام 1978، وحتى آخر فيلم جمعهما «بوبس» في عام 2009، مرورًا بأفلام لا تزال شهرتها حاضرة حتى اليوم، مثل: «الإرهاب والكباب»، و«طيور الظلام»، و«الإنس والجن»، فالنجمان ما زالا يعدان الثنائي الأبرز والأكثر كمالًا في تاريخ السينما العربية، كما لم تستطع أي نجمة مهما علا شأنها حتى اليوم أن تشكل ثنائيًا مع ممثل آخر، كما فعلت يسرا مع عادل إمام.
يسرا.. أيقونة الموضة والجمال:
تظل يسرا رمزاً للأناقة، والجمال الذي لا يشيخ أبداً، فهي محافظة على حضورها الراقي واسمها اللامع بين أهم أيقونات الموضة على مستوى العالم، ولطالما كانت إطلالتها محور اهتمام وسائل الإعلام، وقدوة للفتيات من الجيل الجديد، اللواتي تأثرن بسحرها وجاذبيتها، كما أنها عرفت بأناقتها الكلاسيكية المتجددة، لتصبح من أبرز رموز الأسلوب الراقي،
ولا يتوقف تأثيرها عند هذا الحد، فقد أصبحت النجمة الكبيرة محط أنظار مصممي الأزياء العالميين، الذين يتسابقون إلى تصميم إطلالاتها، إذ يمنحهم ارتباط اسمهم بها بريقاً خاصاً، ويضيف لمسيرتهم الفنية لمسة من التميز.
يسرا الإنسانة.. سفيرة النوايا الحسنة:
في عام 2006؛ أصبحت سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال احتفال أقيم في حديقة الأزهر بالقاهرة، حيث جاء في خطاب الترشيح أن شهرة يسرا كفنانة لم تمنعها من الاهتمام بالمهمشين وأصحاب القضايا والحقوق والمرأة في رحلتها الفنية الطويلة، ودعمها للجمعيات الأهلية في نشاطاتها الاجتماعية المؤثرة في المجتمع.
وتجسدت إنسانية يسرا في مواقف خالدة عبر تاريخها الطويل، من أبرزها دعمها المتواصل للأطفال والمسنين والفقراء، وما عُرف عنها من تقديم الدعم النفسي للأطفال المحتاجين، ومشاركتها الدائمة في حملات التوعية حول مختلف القضايا الإنسانية، إضافة إلى عملها الدائم في نشر قيم التسامح.
وتبقى يسرا فنانة لا يشق لها غبار، مكتملة بكل المعاني، ولا ينقصها شيء من الشهرة والنجومية، وقد يكون حرمانها الأمومة فقط هو ما نغّص مسيرتها، رغم أنها اعتادت الأمر، وأكدت مرارًا تقبّلها له.
أخيرا وليس آخرا قد لا يعرف الكثير أن اسم يسرا هو لقب وليس اسمها الحقيقي، حيث أن اسمها هو سيفين محمد حافظ نسيم، والتي ستبقى خالدة في ذاكرة الإنسان كذكريات سعيدة.

