المرأة العصرية والراقية

مهرجان “تنوير” مساحة تتجاوز الفن لتلهم الإنسان والطبيعة

من قلب صحراء مليحة، حيث تمتزج الرمال بالضوء وتلتقي السماء بالأفق، تنبع فكرة مهرجان «تنوير» من إيمانٍ عميق بأن الثقافة والفن ليسا ترفًا، بل طاقة خالقة قادرة على بناء الوعي، وإحياء الرابط بين الإنسان والطبيعة، وبين الحاضر وجذوره الممتدة في عمق التاريخ.

 

هناك، حيث الصمت لغة والضوء فكر والطبيعة مرآة للروح، تتجلّى رؤية سمو الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي في تحويل المكان إلى مساحة تأملٍ تُعيد الإنسان إلى جوهره وعلاقته الأصيلة بالعالم من حوله.

مهرجان "تنوير" مساحة تتجاوز الفن لتلهم الإنسان والطبيعة

إيقاظ النور الداخلي

منذ انطلاقته، لم يكن «تنوير» مهرجانًا للفن والموسيقى فحسب، بل سعيًا إلى إيقاظ النور في داخل الإنسان. فمن خلال المحبة والتسامح والاتحاد، تُزرَع بذور واقعٍ جديد، ويُبنى وعيٌ إنسانيّ تتحول فيه الفواصل إلى جسور، والخوف إلى محبةٍ ورحمة.

 

من الشارقة، العاصمة التي كرّست مكانتها الثقافية عربيًا وعالميًا، يواصل «تنوير» هذا الإرث العريق برؤية معاصرة تجمع بين الأصالة والابتكار، ليصبح منصةً فكرية وإبداعية تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتحتضن الضوء والموسيقى والفن والتكنولوجيا، وتحولها إلى لغة عالمية للتفاهم الإنساني.

مهرجان "تنوير" مساحة تتجاوز الفن لتلهم الإنسان والطبيعة

«ما تبحث عنه.. يبحث عنك»

في دورته لهذا العام، التي تُقام في 21 و22 و23 نوفمبر 2025 في مليحة، يحمل مهرجان «تنوير» عنوانًا مستلهمًا من أعماق التجربة الإنسانية: «ما تبحث عنه.. يبحث عنك»؛ وهو شعار يعكس فلسفة تؤمن بأن التوازن بين ما نرغب فيه وما يسعى إلينا هو حالةٌ من الإدراك الداخلي.

 

يقدّم المهرجان برنامجًا فنيًا غنيًا يجمع بين الأصوات العالمية والمحلية، من بينهم آمال المثلوثي، وإيه. آر. رحمان، وأنوشكا شانكار، وآية خلف، وسهراب بورناظري، وسحر بروجردي، في أمسيات موسيقية تعبّر عن التناغم الإنساني بين الشرق والغرب وتفتح آفاقًا جديدة للحوار الثقافي عبر الإبداع والموسيقى، وذلك على أربع منصات تشمل «المسرح الرئيسي»، و«القبة»، و«شجرة الحياة»، و«السوق».

 

كما يشمل «تنوير» ورش عمل فنية وإبداعية تتيح للزوار التفاعل المباشر مع عناصر الطبيعة، إلى جانب تركيبات فنية تفاعلية تدمج الضوء والصوت والحركة، لتحوّل المساحة إلى تجربة حسية وعقلية تُعبّر عن رؤية المهرجان في إعادة اكتشاف العلاقة بين الإنسان والبيئة.

 

التنوع الثقافي لغة سلام

يحتفي «تنوير» بالتنوّع الثقافي بوصفه لغة سلامٍ توحّد ما تفرّقه المسافات. فمن خلال لقاء الثقافات وتبادل الرؤى، يتحول المهرجان إلى منصةٍ للحوار الإنساني تجمع الشرق بالغرب، والحداثة بالجذور. وكما ترى مؤسِّسة المهرجان وصاحبة رؤيته سمو الشيخة بدور القاسمي، فإن «الفن جسرٌ يصل بين القلوب، ويعزز التفاهم بين الشعوب، ونافذةٌ نطلّ منها على وعينا الجماعي وعلاقتنا بالعالم من حولنا».

مهرجان "تنوير" مساحة تتجاوز الفن لتلهم الإنسان والطبيعة

امتداد بين الماضي والحاضر

في عمق صحراء مليحة، ينبض المكان بروح أجداد دولة الإمارات العربية المتحدة الذين مرّوا بهذه الأرض المباركة وتركوا فيها بصماتٍ من حكمتهم وإرثهم العريق. تلك الأرض التي حملت ذاكرة الإنسان الأول، تعود اليوم لتروي قصةً جديدة عن الوعي والجمال. ومن هذا الامتداد بين الماضي والحاضر، يولد مهرجان «تنوير» كتجربةٍ تجمع الحكمة القديمة بالرؤية المستقبلية.

 

أكثر من مجرد مهرجان

يظلّ «تنوير» أكثر من مجرد مهرجان؛ فهو احتفاءٌ بالجمال الهادف، ودعوةٌ لإحياء العلاقة بين الإنسان وذاته، وبين الأرض والسماء. إنه مساحةٌ للروح، وإلهامٌ للتأمل في مسؤوليتنا تجاه الطبيعة والإنسانية، وتذكيرٌ بأن الضوء الحقيقي يبدأ من الداخل قبل أن ينعكس على العالم من حولنا. ففي كل دورةٍ من مهرجان «تنوير»، تتجدّد فكرة الوعي الجماعي، ويتحوّل الإبداع إلى رسالة سلامٍ تُصغي إلى نبض الأرض، وتُجسّد وحدة الإنسان في تنوّعه. وهنا، في صحراء الشارقة، ما نبحث عنه جميعًا من فهمٍ وجمالٍ ونور، كان يبحث عنّا منذ البداية.

 

يمكنك أيضا قراءة