
امرأة ترفض القوالب وتصنع المجد ديان كيتون
تعتبر ديان كيتون أيقونة هوليوود، والتي جمعت بين الرقيّ والغرابة بخيط من السحر الطبيعي، وقد رحلت عن عالمنا عن عمر ناهز الـ79، حيث عاشت ديان حياتها كما أدّت أدوارها: في تلك المسافة الرقيقة بين المألوف والاستثنائي. وهناك بالضبط، سنبقى نتذكّرها.
البدايات: من جذور كاليفورنيا إلى قلب هوليوود:
وُلدت ديان بمدينة لوس أنجلوس، في ولاية كاليفورنيا، ونشأت في بيت يزخر بالخيال والحرية، كانت والدتها مصمّمة أزياء تعيد تدوير الملابس القديمة، فغُرست في قلب ديان فكرة الابتكار من البساطة، تلك البذرة التي ستزهر، لاحقاً، في أسلوبها المتفرّد، درست المسرح في نيويورك، والتحقت بمدرسة «نيبرهود بلايهاوس» العريقة، قبل أن تبدأ مسيرتها على خشبة المسرح، وشاشات التلفزيون، في طريقٍ قادها إلى السينما.
انطلاقة الصوت السينمائي الخاص بها:
بدايتها الحقيقية جاءت أوائل السبعينيات؛ حين تعاونت مع وودي آلن، لتشكّل معه ثنائياً سينمائياً لامعاً، في أفلام، مثل: «Play It Again, Sam وManhattan»، قبل أن يغيّر فيلم «Annie Hall» كل شيء.
وفي عام 1977، شاركت، في «Looking for Mr. Goodbar»، وهو عمل جريء أظهر وجهها الدرامي العميق، وأكّد قدرتها على الانتقال من الكوميديا إلى أكثر الحالات الإنسانية تعقيداً.
آني هول.. وبداية الأسطورة:
«Annie Hall» في هذا الفيلم، تم منحها جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، كانت الشخصية مزيجاً بين ديان الحقيقية، وآني الخيالية.. امرأة خجولة، وذكية، ومرتبكة، وأنيقة دون تكلف.
وقد أسهم فيلم «آني هول» في ولادة أسلوب كامل في الموضة، فالملابس التي ظهرت بها ديان، والسراويل الواسعة، والسترات الضخمة، والقبعات، والأحزمة، وربطات العنق، كانت من خزانتها الخاصة، وقد تحوّلت تلك الإطلالة إلى تيار جديد في عالم الأزياء النسائية، حيث أصبح من المألوف أن ترتدي المرأة الملابس الرجالية بثقة وحرية.
مسيرة حافلة بالأدوار الخالدة:
قدّمت ديان كيتون مسيرة مليئة بالتنوّع، من الدراما إلى الكوميديا، ومن الرومانسية إلى التجريب الفني. من أبرز أعمالها:
The Godfather (العرّاب): بدور «كاي آدامز كورليوني»، كانت المرأة التي ترى فساد السلطة بعين المراقِبة الحزينة.
Reds (1981): دورٌ تاريخي نال ترشيحاً للأوسكار.
Marvin’s Room (1996): عودة مؤثرة بدور إنساني مؤلم.
Something’s Gotta Give (2003): أحد أجمل أدوارها المتأخرة، نالت عنه جائزة الغولدن غلوب وترشيحاً جديداً للأوسكار.
Hanging Up (2000): فيلم قامت ببطولته وإخراجه، يجمع بين الفكاهة والحنين.
وفي سنواتها الأخيرة، أطلّت في Book Club (2018) وSummer Camp (2024)، محتفظةً بخفّتها وسحرها حتى النهاية.
طبعا من الجدير ذكره أنها حصدت خلال مسيرتها أكثر من 37 جائزة و63 ترشيحاً، وفق موقع IMDb، بينها أربعة ترشيحات للأوسكار وجائزة واحدة، وثلاثة ترشيحات لجائزة البافتا ونيلها الجائزة عام 1978، وتسعة ترشيحات لجوائز الغولدن غلوب وفوزها بجائزتين عام 1978 وعام 2004، إلى جانب تكريمها عام 2017 بجائزة إنجاز العمر من معهد الفيلم الأميركي (AFI) تقديراً لإرثها السينمائي.
الأناقة كفلسفة حياة:
عُرفت بقبعاتها الواسعة، ونظاراتها الدائرية، وستراتها الكلاسيكية، لكنها كانت ترتديها لا لتلفت الأنظار، بل لأنها تشعر بالراحة فيها، فقد كانت ترى الأسلوب الشخصي مساحة للحرية، وليس قيداً.
الحياة الخاصة.. وما وراء الضوء:
لم تتزوج ديان كيتون، فتبنّت ابنَيْها: «ديكستر» عام 1996، و«ديوك» عام 2001. كانت حياتها الشخصية هادئة، لكنها لم تخلُ من الصراعات؛ فقد تحدّثت بصراحة عن معاناتها «اضطراب الأكل» في شبابها، وعن سنوات من القلق والمثابرة الداخلية، التي تحوّلت إلى طاقة فنية خلاقة.
الوداع: ضوءٌ لا يخبو:
رحلت ديان كيتون بهدوء، كما عاشت، فاجتاحت منصّات التواصل موجة من الحزن والحنين، ومعها مئات الرسائل من ممثلين ومصممين ومحبين، يستعيدون صورتها: امرأة تجمع بين الذكاء والسذاجة، بين الرقيّ والعفوية، بين الجرأة والرقة.