
حملة أزياء VALENTINOموسم خريف وشتاء ٢٠٢٥-٢٠٢٦
باتت الموضة في أيامنا هذه تعبّر وبشكل متزايد عن عالم متضخم ومتسارع في سعي عنيد للوفاء بوعد اعتناق كل ما هو جديد: أشكال جديدة وبصمات جديدة وروايات جديدة. وفي دوامة كهذه، اخترت أن أعتمد حركة مختلفة لا تقوم على الركض بل على التمهّل والاستمتاع باللحظة. وآثرت ألا أفتح فصل جديدا بل أن أتعمق في موضوع ما زالت تتكشّف مكنوناته. واخترت ألا أستهلك أحدث منتج طرح في السوق بل قررت أن أترك الصور وعلامات الاستفهام تترسخ وتنمو ضمن عملية تنقيب عمودية لما هو موجود أصلا .
من هنا برزت الحاجة إلى استدعاء مواضيع عرض أزياء موسم خريف وشتاء ٢٠٢٥-٢٠٢٦ بعنوانLe Méta Théâtre Des Intimités لمواصلة التشكيك في تلك العلاقة الوطيدة ما بين الهوية من جهة وممارسات ارتداء الملابس من جهة أخرى. وهنا أيضا تأتي فكرة المرحاض العام كمكان مليء بالتناقضات تتماهى فيه الحدود بين البعدين الخاص والمشترك ويتحدى فيه المرئي اللمرئي، وتصطدم اللياقة مع اللذة التي يصحبها الإحساس بالذنب، وفيه أيضا يكون الانكشاف على موعد مع التخفّي. هو فضاء حدودي يتحوّل في هذه الحملة إلى مشهد يزدان بأجساد جديدة ونظرات مختلفة ولقاءات منوّعة فيصبح مسرحا زاخرا بالإمكانيات.
بدا الأمر أشبه بتصور حياة ما بعد العرض: كم من وجود آخر يمكن أ ن يحتضنه هذا الفضاء الغريب والجماعي؟ كم من رغبة دفينة أخرى يمكن أن تتجسّد فيه؟ وما هي الخصوصيات المختلفة التي تعكسها ممرّاته؟
نحن نعرف حق المعرفة أن الموضة لطالما كانت لغة المظهر، أداة تُبرز الأجساد وتعرّضها للنظرات. وحتى في أكثر أبعادنا حميمية، لا نستطيع الإفلات من هذه الطبيعة الاستعراضية .وقد أوضحت هانا أرندت هذا الأمر على نحو مثالي، فشرحت كيف تتطابق الكينونة مع الظهور، فيرسمان إطارا لوجودنا في هذا العالم. وبناء على ذلك، تؤكّد الملابس مكانتها كـ”جلد ثان”، فتشكّل الوسيلة التي نختار من خلالها كيف نظهر على مسرح الحياة .
وقد يكون ذلك في جوهره أعظم إرث تتركه الموضة: عمق يتجلّى بشكل تشابك للأسطح، وحميمية تكشف عن قوتها السياسية والشاعرية.
المدير الإبداعي لدار فالنتينو أليساندرو ميشيل