
فوبيا الحمام العمومي لم تأت من فراغ
يمكنك أن تحبي مكتبك، وزملاءك في الفريق، وحتى تتسامحي مع كرسي المكتب المزعج الذي يرفض أن يصبح مريحًا.. ولكن لا شيء يختبر صبرك مثل فوضى الحمام العمومي كالحمام المشترك في المكتب أو الشركة أو المصنع.
ولا شيء يهيئك تمامًا لتلك البركة الغامضة، أو مفاجآت المقاعد، أو تلك الرائحة السمكية الكريهة التي لا داعي لها في الحادية عشرة صباحًا. هذا لا يبدو مقززًا فحسب، بل هو مقزز بالفعل، وله آثار صحية لا أحد يتحدث عنها.
إنه ليس مجرد أمر مقزز، بل إنه معدي
يوضح الدكتور خضر رؤوف محمد، رئيس قسم جراحة المسالك البولية بالتدخل الجراحي في مستشفيات أريتي.. أنه في أي بيئة مكتبية، تعتبر الحمامات المشتركة ضرورة عملية. ولكنها قد تصبح أيضًا أرضًا خصبة للعدوى إذا لم يتم الحفاظ على النظافة باستمرار.
كما يقول الدكتور رؤوف محمد إنه ومن أكثر الشكاوى شيوعًا التي نتلقاها في العيادة التهابات المسالك البولية، تليها مباشرةً الفطريات. غالبًا ما تنجم هذه المشاكل عن استخدام دورات الحمام العمومي مياه رطبة، أو سيئة التنظيف، أو غير مهواة جيدًا. يمكن للبكتيريا والفطريات أن تعيش على الأسطح المبللة، وعندما يستخدم عدة أشخاص نفس المرافق، تزداد احتمالية الإصابة بالعدوى بشكل طبيعي.
غير مناسب للجميع
فأصحاب البشرة الحساسة أو المناعة المنخفضة أكثر عرضة للإصابة بالفطريات. الطفح الجلدي الفطري، وخاصةً في منطقة الفخذ أو الجزء الداخلي من الفخذ، شائع في الحمامات الدافئة سيئة التهوية التي تحبس الرطوبة.
ويضيف الدكتور رؤوف محمد أن الحمام العمومي أو الحمامات الرطبة سيئة التهوية تشكل بيئة مثالية لتكاثر العدوى الفطرية والطفح الجلدي، خاصة في الطقس الدافئ أو للأشخاص ذوي البشرة الحساسة.
كما إن الالتهابات الفطرية في منطقة الأربية والفخذين الداخليين شائعة جدًا عند استخدام الحمامات المبللة أو غير النظيفة. وتزداد الحالة سوءًا عندما لا يجف الحمام جيدًا أو لا ينظف بانتظام.
الأمر ليس حكرًا على النساء
أيها الرجال، لا تبالغوا في التفاخر. فبينما تعدّ التهابات المسالك البولية أكثر شيوعًا بين النساء. قد يعاني الرجال في الفئات العمرية الأكبر (فوق 45 عامًا) من نسبة إصابة أعلى أيضًا.
ما مدى سوء الأمر؟
يتفق الخبراء على أن عادات النظافة السيئة في الأماكن المشتركة قد تتفاقم. فالبكتيريا لا تتراكم فقط على مقاعد المراحيض، بل تتراكم أيضًا على مقابض السيفون، ومزاليج الأبواب، وحتى غطاء سلة المهملات.
ومع ذلك، إذا كنت تحبس البول (أو البراز) لأن الحمام يثير اشمئزازك (نحن نرى ذلك)، فإن هذا يجعل الأمور أسوأ.
يحذّر الدكتور خيزار قائلاً: “حبس البول لفترات طويلة يزيد من احتمالية الإصابة بالتهاب المسالك البولية. فالتبول هو الطريقة الطبيعية التي يستخدمها الجسم للتخلص من البكتيريا”.
كما لاحظت الدكتورة نيرمالا تشاندراشيكار، استشارية أولى في أمراض النساء والتوليد بمستشفى جلين إيجلز بي جي إس، كينجيري، أن التهابات المسالك البولية والالتهابات المماثلة يمكن أن تنتشر أيضًا عندما يستخدم الشخص المصاب مرحاضًا مشتركًا ويترك وراءه الكائنات الحية.
كما توضح الدكتورة: “ومع ذلك، فمن غير الشائع جدًا أن يصاب الأشخاص بالعدوى من مقاعد المراحيض، لأن مجرى البول في وضع لا يتلامس عادةً مع المقعد بشكل مباشر”.
الرعب في تلك الأيام
ليس فقط برك المياه المفاجئة أو مقعد المرحاض المتسخ المزعج، بل هناك مشهد شائع جدًا (ومرعب بصراحة) في حمامات النساء. وهو الفوط الصحية المستعملة المكشوفة وغير المغلفة، والتي تحوم حولها الحشرات أحيانًا. قد يبدو الأمر مقززًا، ولكنه أيضًا غير صحي تمامًا.
تقول الدكتورة تشاندراشيكار: “إن ترك النفايات الصحية خارج سلة المهملات أو التخلص منها بطريقة غير صحيحة ليس مجرد سلوك سيء. بل يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة للمستخدم التالي”.
آداب الحمامات العمومية والمكتبية
إذا كنت لا تزال غير متأكد بشأن ما يعتبر “لياقة أساسية” مقابل “بذل جهد إضافي”، فإليك قائمة مرجعية سريعة معتمدة من قبل الخبراء:
اشطفي. دائمًا. في كل مرة. قبل وبعد.
قومي بتجفيف المقعد قبل أن تغادري، خاصة إذا تعرض للرش.
استخدمي أغطية المقاعد أو المناديل الورقية عندما تكون متاحة (أو احمليها معك).
تخلصي من الأدوات الصحية في سلة المهملات، وليس في المرحاض.
امسحي من الأمام إلى الخلف، وليس العكس.
اغسلي يديك بالصابون، ونعم، جففيهما بالفعل.
أغلقي الغطاء قبل سحب السيفون، فالبكتيريا المحمولة جواً موجودة بالفعل.
نداء للإدارة
في حين أنه من السهل توجيه أصابع الاتهام إلى الزملاء ذوي عادات الحمامات المشكوك فيها. إلا أن للمؤسسة نفسها دورًا هامًا. فمواعيد التنظيف المناسبة، والحمامات الجافة والجيدة التهوية، وصناديق النفايات التي يسهل الوصول إليها، واللوازم الأساسية كالصابون والمناديل الورقية، ليست “إضافات”، بل هي أمور لا غنى عنها.
يقول الدكتور خضر: “إنّ وجود دورة مياه نظيفة وآمنة حقٌّ أساسيٌّ في مكان العمل. فإذا كانت الشركات تتوقع من الموظفين قضاء تسع ساعات أو أكثر في المكتب، فلا ينبغي أن تشكّل دورة المياه خطرًا على الصحة”.
المسح النهائي
مع أنه لا يمكنك أن تتوقع أن يكون حمام مكتبك أشبه بمنتجع صحي، فمن الطبيعي أن يلتزم كلٌّ من الموظفين وأصحاب العمل بالحد الأدنى من النظافة. صحيح أن ترك المراحيض متسخة أمرٌ سيءٌ بما فيه الكفاية، لكن الأسوأ هو تجنبها تمامًا خوفًا من الإصابة بالعدوى.