
الصحة النفسية للآباء والأمهات تؤثر على سلوك الأطفال في المدارس
الطفولة من أهم مراحل الحياة، وعادةً ما يتأثر الأطفال بسلوكيات ومشاعر مقدمي الرعاية. ولذلك، يشدد الخبراء على أهمية الصحة النفسية لمقدمي الرعاية، لما لها من تأثير عميق على تطور سلوك الطفل. ومع ذلك، انصبّ التركيز بشكل كبير على الصحة النفسية للأمهات خلال مرحلة الطفولة المبكرة، مثل اكتئاب ما بعد الولادة وآثاره على الطفل. ولكن ماذا عن الأب؟.
ركزت دراسة نشرت في 30 يناير 2025 في المجلة الأمريكية للطب الوقائي على الصحة النفسية للآباء. ووجدت أن الآباء الذين يعانون من الاكتئاب مع التحاق أطفالهم بمرحلة الروضة، يؤثرون بدوره على سلوك الطفل بعد بضع سنوات. دعونا نفكك هذه التعقيدات واحدة تلو الأخرى لفهم جذورها بشكل أفضل.
اكتئاب الأب يؤثر على الأبناء
شملت الدراسة أكثر من 1400 عائلة لفهم العلاقة بين اكتئاب الأب وسلوك طفله. ركزت الدراسة على الآباء الذين عانوا من الاكتئاب عندما كان أطفالهم على وشك الالتحاق بمرحلة الروضة، أي في سن الخامسة تقريبًا، وهي مرحلة مهمة للطفل والأسرة. بعد أربع سنوات، عندما وصل الأطفال إلى الصف الرابع، تابع الباحثون الحالة. ووجدوا أن أطفال الآباء المصابين بالاكتئاب كانوا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل سلوكية مقارنةً بأقرانهم الذين لم يكن آباؤهم مصابين بالاكتئاب.
وأظهر الأطفال:
36 في المائة أعلى للسلوك المعارض (مثل التحدي، والجدال، وعدم اتباع التعليمات)
37 في المائة أعلى لفرط النشاط
25 في المائة أعلى للأعراض المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
لماذا يحدث هذا؟
لا تقتصر مشاكل الصحة النفسية لدى الوالدين على جوانب محددة، بل تؤثر على الأسرة بأكملها. كما يستبعد الآباء من النقاشات حول الصحة النفسية، لكن نتائج هذه الدراسة تظهر أن رفاهيتهم لا تقل أهمية عن الحالة النفسية للطفل. كما استكشف الباحثون سبب حدوث هذه التغيرات السلوكية لدى الأطفال في المقام الأول. كذلك اتضح أن الأطفال قادرون على فهم ما يدور في الغرفة بشكل أفضل مما نتصور، إذ يمكنهم استشعار انفصال والدهم العاطفي أو قلة عاطفته، خاصةً في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى الدعم مع بدء اجتيازهم السنوات الأولى من الدراسة، وتكوين صداقات، والتفاعل مع الآخرين.
علاوة على ذلك، يمكن للاكتئاب أن يغيّر ديناميكيات الأسرة، مما يؤدي إلى زيادة التوتر والخلافات، وهو ما يتأثر به الأطفال بسرعة. أيضًا نتيجةً لذلك، قد يشعرون بعدم الأمان والخوف والضعف، مما قد يؤدي في النهاية إلى ظهور مشاكل سلوكية في المدرسة، تتراوح بين الانطواء الاجتماعي والسلوكيات غير المنضبطة.