المرأة العصرية والراقية

الصداقة الثلاثية: هل يمكن أن تدوم إلى الأبد؟

قد يكون الحفاظ على الصداقة الثلاثية أمرًا صعبًا. ولكن هل من المستحيل فعل ذلك؟ بالتأكيد لا. فلا شك أن الانضمام إلى ثلاثي يشعرك بسعادة غامرة، لا تقتصر على شخص واحد أو تائه وسط مجموعة كبيرة. لكن صداقات الثلاثي تأتي أيضًا مع تحديات لا تحصى. وقد رأينا ذلك في العديد من روايات وأفلام حملت اسم “الأصدقاء الثلاثة”.

ونذكر من هذه الروايات والأفلام قصة “الأصدقاء الثلاثة” جورج وبيتر وسبستيان وهي قصة قصيرة كتبها الكاتب الروسي مكسيم غوركي. وفيلم “الأصدقاء الثلاثة” وهو فيلم مصري عرض عام 1966، بطولة أحمد رمزي (عصام) وحسن يوسف (جلال) ومحمد عوض(حمودة)، ومن إخراج أحمد ضياء الدين. والفيلم الأمريكي “الأصدقاء الثلاثة” من إنتاج سنة 1986. للمخرج جون لانديس، وكتب قصته كل من  لورن مايكلز وستيف مارتن وراندي نيومان، وكتب له السيناريو كل من ستيف مارتن وراندي نيومان ولورن مايكلز. وكان من بطولة تشيفي تشيز وستيف مارتن ومارتن شورت.

حتى أن هناك مقولة سيئة السمعة على مواقع التواصل الاجتماعي: “في مجموعة من ثلاثة أصدقاء، هناك دائمًا ثنائي أقوى”. في أغلب الأحيان، قد يترابط شخصان في مجموعة ثلاثية بقوة لدرجة أن الثالث يشعر بالاستبعاد.

ويقول استشاريو علم النفس والصحة النفسية إنهم كثيراً ما يستقبلون مرضى يواجهون مشاكل في صداقاتهم الثلاثية. حيث تشعر إحدى الصديقات أنها دائمًا من تبذل جهدًا للبقاء ضمن المجموعة، بينما كانت الصديقتان الأخريتان غير مباليتان بوجودها.

هل أنتم من فريق “مررنا بهذه التجربة وشعرنا بها” أم “نحن الثلاثي الذي لا يقهر”؟ بالطبع، يمكن أن تكون إجابتكم أيًا منهما.

صداقات ثلاثية

إن التواجد في مجموعة من ثلاثة أصدقاء مقربين هو نعمة، ولكن الحفاظ عليها قد يكون صعبًا بعض الشيء

ولكن ما الذي يجعل صداقات الثلاثي معقدة؟

إن تحقيق التوازن في الاهتمام وتجنب الإقصاء وإدارة الديناميكيات المختلفة هي التحديات الرئيسية التي يواجهها الثلاثي في ​​الغالب. من الطبيعي أن يتقارب عضوان في علاقة عاطفية أقوى أحيانًا، ولكن إذا أصبح هذا نمطًا متكررًا، فقد يشعر الطرف الثالث بالاستبعاد، مما يؤدي إلى الاستياء أو انعدام الأمان. كما أن اتخاذ القرارات قد يكون صعبًا، فالتوصل إلى إجماع بين ثلاثة أشخاص غالبًا ما يكون أكثر تعقيدًا، كما تقول الدكتورة شاندني توغنيت، المعالجة النفسية والمديرة المؤسسة لمؤسسة “بوابة الشفاء”.

وهناك تحدٍّ آخر يتمثل في حل النزاعات. فإذا اختلف صديقان، غالبًا ما يقع الثالث في المنتصف ويشعر بالضغط لاختيار أحد الجانبين. وهذا قد يؤدي إلى التوتر والاستياء والانقسام داخل المجموعة.

بخلاف الصداقات الفردية، حيث يكون الاستثمار المتبادل واضحًا، تنطوي صداقات الثلاثي دائمًا على خطر الإقصاء. عندما يتشارك شخصان تفاصيلهما الشخصية ويقضيان وقتًا أطول معًا، قد يشعر الطرف الثالث بالانفصال، مما يؤدي إلى سوء تفاهم.

مفتاح النجاح للثلاثي

قد يكون الحفاظ على مجموعة من ثلاثة أصدقاء أمرًا صعبًا بعض الشيء، لكن الأمر يستحق العناء دائمًا. ليس من قبيل الصدفة أن نرى هذا العدد الكبير من الثلاثيات في الأفلام والمسلسلات، بما في ذلك “ثلاثي أضواء المسرح” و”أحلى الأوقات” و”سمير وشهير وبهير” وغيرها الكثير.

ما الذي يجعل هذه الصداقات مميزة للغاية؟:

تجمع صداقات الثلاثية وجهات نظر متنوعة، مما يخلق سردًا غنيًا بالأفكار والاهتمامات والتجارب. هذا التنوع يمكن أن يؤدي إلى نمو شخصي وفهم أعمق لوجهات النظر المختلفة. غالبًا ما تجعل الطاقة الديناميكية لثلاثة أشخاص التفاعلات أكثر حيوية وجاذبية، مما يعزز شعورًا بالمرح والعفوية. كما توفر الثلاثيات نظام دعم متكامل. عندما يواجه أحد الأشخاص صعوبات، يمكن للطرفين الآخرين مشاركة العبء العاطفي، مما يوفر التشجيع والاستقرار الجماعي.

تذكري قواعد الصداقة الثلاثية التالية:

تأكدي من عدم شعور أي شخص بالاستبعاد. واحرصي على إشراك جميع الأعضاء الثلاثة في الخطط والمحادثات والقرارات. حتى في القرارات الصغيرة، تأكدي من مشاركة جميع الأعضاء حتى لا يشعر أحد بالاستبعاد.

حافظي على الشفافية. تجنبي السرية والمحسوبية لتجنب الغيرة أو سوء الفهم.

ابنِ علاقات فردية. على كل صديقة أن تنمّي علاقتها مع الصديقتين الأخريتين. هذا مهم لتحقيق توازن ديناميكي. إذا لم تستطيعي التحدث مع إحدى الصديقات في مجموعة ثلاثية إلا بوجود الآخر، فهذا يعني أن العلاقة الثلاثية غير متوازنة.

تواصل بصراحة. عالجي الخلافات مبكرًا لتجنب الاستياء والتوترات غير المعلنة.

تجنبي النميمة والسلبية. فالحديث خلف ظهر الصديق قد يضعف الثقة.

تعاملي مع الخلافات بحذر. تجنبي النكات أو التعليقات التي تجرح مشاعر الآخرين. في حال حدوث أي سوء فهم، يجب حلّها بحساسية.

عندما يعمل جميع الأعضاء بنشاط على دمج بعضهم البعض، ومعالجة النزاعات والاحتفال برباطهم الفريد، يمكن للثلاثيات أن تزدهر.

متى تبتعد عن صداقة الثلاثي

ليست كل الصداقات مقدّرة للاستمرار، وهذا أمر طبيعي تمامًا. النمو والتغيير أمران طبيعيان، وكثير من الصداقات الثلاثية تنهار في النهاية. يعتمد الأمر في النهاية على التزام الأفراد الثلاثة برعاية الصداقة وتقويتها. إذا لاحظتَ نمطًا من الاستبعاد وعدم المشاركة في معظم الخطط، فقد ترغب في الانسحاب.

كذلك يمكن أن تؤثر تعقيدات الصداقة الثلاثية بشكل كبير على صحتك العقلية.

أيضًا قد يؤدي ذلك إلى الشعور بالعزلة والوحدة وضعف تقدير الذات، إذ قد يشعر الشخص بالرفض أو عدم الأهمية في المجموعة. ومع مرور الوقت، قد يسبب القلق، بل وحتى الاكتئاب. إن الشعور بأنه “الطرف الثالث” قد يكون مرهقًا عاطفيًا، خاصةً إذا شعر الفرد أن علاقته بالطرفين الآخرين ليست قوية بنفس القدر. كما قد يشعر بالشك الذاتي.

أحيانًا، ورغم بذل قصارى جهدك، قد تصبح صداقة الثلاثي غير صحية. إليك بعض العلامات التي تدل على أن الوقت قد حان للابتعاد:

أنت تشعرين دائمًا بأنك مهملة أو غير مهمة.

تتطلب الصداقة الكثير من الجهد للحفاظ عليها.

هناك ضغط أو توتر مستمر بدلاً من الفرح والدعم.

هناك نقص في الثقة والاحترام والاستثمار المتبادل.

ديناميكيات المجموعة تجعلك تشعر بالاستنزاف بدلاً من الشعور بالارتياح.

لقد تجاوزت الصداقة، ولم تعد تخدم صحتك العاطفية.

لكن قبل أن تغادري، عبّري عن مشاعرك لأصدقائك بهدوء وصدق. كذلك حاولي أن تفهم إن كان الاستبعاد الذي شعرت به غير مقصود أم مجرد سوء فهم. إذا تكرر الأمر، فاعلمي أن الوقت قد حان لتحية الوداع.

يمكنك أيضا قراءة