المرأة العصرية والراقية

قد تكون النميمة مذمومة.. إليك كيفية جعلها مفيدة وغير مؤذية

إلى جانب سمعتها السيئة، يمكن للنميمة أن تكون إيجابية وصحية. يطلق عليها علماء النفس اسم “الرابط الاجتماعي” الذي يوحّد المجتمعات. كما قد تعتبر النميمة مفيدة للصحة النفسية (عندما تكون غير ضارة).

لطالما صوِّرت النميمة على أنها فعل مخزٍ يهين الآخرين، ويخلِّف وراءه غيمةً من الذنب تخيِّم علينا بعد جلسة نميمةٍ طويلة. حتى أن سيدنا محمد سأل أصحابه يومًا: “ألا أخبركم بشراركم” قالوا: بلى يا رسول الله قال: “المفسدون بين الأحبة المشَّاؤون بالنميمة الباغون للبرآء العنت”. وهذا ليس مبالغةً، فالنميمة، عندما تمارس بلا خجلٍ أو إهمال، لها القدرة على تدمير العلاقات. ومع ذلك، فنحن جميعًا نمارسها عن قصدٍ أو بغير قصد. وهذا ما يؤكِّده الباحثون أيضًا.

لكن إلى جانب سمعتها السيئة، يمكن للنميمة أن تكون مفيدة أيضًا (ولها فوائد عديدة). يطلق عليها علماء النفس اسم “الرابط الاجتماعي” الذي يجمع المجتمعات. كما تعتبر مفيدة للصحة النفسية (عندما تكون غير ضارة).

النميمة الإيجابية وفوائدها

القيل والقال هو وسيلة لبناء الروابط، ومشاركة المعرفة، وتبادل المعلومات. ومن منظور النظم الأسرية الداخلية، يمكن للنميمة أن تكون أيضًا وسيلةً للانتماء. كما أنها تساعد الأفراد على إيجاد مكانهم ضمن الديناميكيات الاجتماعية والمجتمعات. وفي بعض الحالات، تعزز أصوات من كانوا معزولين أو غير مسموعين، مسلِّطةً الضوء على قصص ووجهات نظر قد تغفَل لولا ذلك، كما يضيف سام.

لنأخذ مثالاً على ذلك، امرأة شابة تعيش في شقة ضمن مجمع سكني. غالبًا ما تنعزل عن الآخرين، غافلة عن أن المالك يفرض عليها إيجارًا زائدًا بشكل غير عادل مقارنةً بالمستأجرين الآخرين. في أحد الأيام، خلال جلسة مسائية غير رسمية، تناقش مجموعة من الجيران حول إيجاراتهم، وذكر أحدهم المبلغ الذي يدفعه لشقة مماثلة. انتشر الخبر، وسرعان ما أدركت أنها تفرض عليها إيجارًا أعلى بكثير من السعر المعتاد. واجهت المالك وتفاوضت معه على إيجار أكثر عدلًا، أو بدأت بالبحث عن سكن آخر.

وظيفة اجتماعية

كما أننا من خلال النميمة أيضًا نفهم قواعد المجتمع غير المكتوبة. كذلك نتعلم من قصص الآخرين. كما تعزز النميمة الصحة النفسية بمنحنا طرقًا للتعامل مع المشاعر. فالحديث عن مواقف الآخرين يساعدنا على التفكير في كيفية مواجهة تحديات مماثلة.

علاوة على ذلك، لا ننسى كيف يساعد الناس على التنفيس عن مشاعرهم وبناء علاقات وطيدة مع الآخرين. علاوة على ذلك، قد لا يكون الامتناع التام عن النميمة واقعيًا. فالناس يعالجون مشاعرهم ويترابطون من خلال مشاركة القصص. الأمر كله يتعلق بالوعي، والنية هي الأساس.

فإذا كنت تفعلين ذلك للتواصل أو الفهم أو طلب النصيحة، فهذا أمر طبيعي. أما إذا كان للإثارة أو السيطرة، فهو ضار. والتواصل الواعي بدلًا من التعليقات غير المدروسة هو الحل.

كذلك من البديهي أن هذا الجانب الإيجابي من النميمة لا يشمل الإساءة المتعمدة لسمعة شخص ما أو إثارة الفرقة بين الناس. في الواقع، النميمة الجيدة مهارة اجتماعية أساسية. فهي تعني فهمك للحدود الأخلاقية، وحكمك السليم على الأمور، ومعرفتك متى تنقّي المعلومات، وما يجب قوله (وما لا يجب قوله) أمام من.

ومع أنني أتجنب النميمة تمامًا، إلا أنني أستطيع القول بثقة إن النميمة، في أبسط صورها، غالبًا ما تكون مجرد فضول إنساني يسعى لفهم العالم. لكن الإنسان العاقل المحترم لا بمكن أن ينخرط فيها، كما انه لا يستطيع تحمّل ذلك. ولكن من منظور نفسي، يمكن القول إنها، عندما تمارس بتعاطف، توفّر راحة نفسية، لكن مؤقتة. كما أنها تعزّز التعلّم الاجتماعي، وترسّخ القيم المشتركة في العلاقات العابرة.

كيفية النميمة (بطريقة غير مسيئة)

بالنية والممارسة، يمكنك تغيير مفهوم النميمة جذريًا. الأمر كله يتعلق بتذكير عقلك بأمور صغيرة، كالتحدث بعطف. وتحويل الموضوع إلى موضوع للقصة، ومشاركة قصص نمو الناس وتقدمهم، وتجنب التكهنات.

إحدى طرق ممارسة هذا النوع من النميمة هي التحدث عن الآخرين بتعاطف. بدلًا من الاستعجال في الافتراضات، حاول إظهار التعاطف مع ما قد يمر به شخص ما. يصبح الأمر أقل تركيزًا على “إفشاء الأسرار” وأكثر تركيزًا على الفهم.

وفي الوقت نفسه، يجب الالتزام بالنصائح التالية لممارسة النميمة الصحية:

قاعدة منظور البطل: قبل مشاركة معلومات عن شخص ما، ضعيه في ذهنك كبطل قصته الخاصة، لا كشخصية في قصتك. هذا التغيير الدقيق يعزز التعاطف والفهم السياقي، ويحوّل النقد المحتمل إلى تبني منظور مختلف.

تحققي من حالتك الداخلية أولاً: اسأل نفسك: هل أشارك هذا من منطلق التواصل، أو التأمل، أو مشاعر غير محسومة؟. غالبًا ما تكون طاقة النميمة أبلغ من الكلمات. كذلك عندما تكونين متزنة، يقل احتمال استخدام النميمة للتنفيس عن غضبك أو التعبير عن مشاعرك.

مارسي ثرثرة الإكمال: عند مواجهة قصص ناقصة أو سرديات غير مكتملة عن الآخرين، أضيفي عمدًا عناصر سياقية ناقصة تضفي طابعًا إنسانيًا بدلًا من أن تصوّرهم على أنهم أشرار. هذا الجهد الواعي لإكمال السرديات بتعاطف يوازن ميلنا الطبيعي نحو تبسيط الشخصيات.

مارسي النميمة عن النمو: اعتادي على مشاركة قصص عن كيفية نمو شخص ما، أو تغيره، أو تعامله مع موقف صعب برشاقة. ليس بالضرورة أن تبرز النميمة الأخطاء، بل يمكنها أن تبرز المرونة، أو التحول، أو الحكمة، مشجّعةً هذه الصفات في دائرتك.

طوّري مهارة إدارة القصص: اعلمي أنك عندما تشارك معلومات عن الآخرين. فإنك تحجبين سردهم مؤقتًا. تعاملي مع هذه القصص بنفس العناية التي ترغب بها لقصصك، بما في ذلك تصحيح أي معلومات مغلوطة تسمعها.

ارسمي خطًا خفيًا للنزاهة: حددي نوع المعلومات التي لن تكررها أبدًا، مهما كانت مغرية. هذا الوعد الخاص يبني الثقة بالنفس ويغير تدريجيًا كيفية استجابة جهازك العصبي للتفاصيل المثيرة والمثيرة. إنه عمل هادئ لبناء الشخصية لا يحتاج أحد لرؤيته.

كذلك تذكري دائمًا الأثر السلبي للنميمة. فهي تنشر العار، وتسكت الناس، وتؤدي إلى العزلة، مما قد يكون له أثر أعمق وأشد ضررًا. كما لا ينبغي أن تصبح النميمة أداةً تزعزع ثقة المرء بنفسه أو تضعه في موقف ضعف أو عجز.

المحظورات الصارمة في النميمة

تجنّبي التحدث عن أي شخص عندما تكون منزعجًا أو غاضبًا أو متوترًا. وامنحي نفسك وقتًا لتهدئي.

يمكن أن تبرز الشحنة العاطفية الكثير من الأمور التي قد لا تقصدها حقًا. في الواقع، يقول البعض: لم أقصد قول ذلك. قلته عفويًا. ينبع الكثير من ذلك من تصرفات اللوزة الدماغية، مما يصعّب الرد بتعليقات عقلانية ومدروسة عندما تكون في حالة عاطفية.

أيضًأ تجنبي الافتراضات المسبقة. وبدلاً من التسرع في الاستنتاجات مثل “لا بد أنهم فعلوا هذا”، يمكننا أن نسأل: “أتساءل ماذا حدث لهم؟” هذا التغيير البسيط يفتح المجال للتعاطف والرحمة. أيضًا وتذكري هذه النقاط غير القابلة للتفاوض.

النميمة

اقتراحات:

لا تثرثري لتشعري بالتفوق: إذا كان هدف المحادثة هو رفع مكانتك من خلال التقليل من شأن شخص آخر، فهي لم تعد محادثة؛ بل هي انعكاس لانعدام الأمن. لا ينبغي أبدًا استخدام النميمة لبناء مكانة على حساب كرامة شخص آخر.

أيضًا لا تشاركي ما قيل لك سرًا: أي شيء شاركته معك في لحظة ضعف يستحق حمايةً مقدسة. إذا وثق بك أحدهم بصدقه، فإن تكراره عرضًا، حتى في دائرة “آمنة”، لا يزعزع ثقته فحسب، بل يزعزع نزاهتك أيضًا.

كذلك لا تتحدثي عن صدمة شخص ما أو هويته: لا ينبغي أبدًا أن تصبح تفاصيل الصحة النفسية لشخص ما، أو صراعاته الشخصية، أو هويته (التوجه الجنسي، أو النوع الاجتماعي، أو جروح الماضي) مادةً للنقاش. هذه ليست قصصًا عابرة، بل هي مساحة خاصة.

لا تختبئي وراء الفكاهة أو السخرية: إن إخفاء النميمة على أنها “مجرد مزحة” أو استخدامها للسخرية التافهة يسبب ضررًا أكبر مما ندرك. عندما تسيء الفكاهة لشخص ما، فإنها تفقد طرافتها وتصبح مدمرة.

يمكنك أيضا قراءة