الأزياء والطوابع والأواني.. لماذا يكلف الحنين إلى الماضي أموالاً طائلة؟
حب الماضي وحب الحنين إلى الماضي لم يساعدنا حتى الآن في إحياء صناعة المسرح بعد أن كادت منصات OTT أن تبتلعها فحسب، بل ساعد أيضًا في بناء العديد من العلامات التجارية والشركات وأنماط الاقتصاد والتجارة المحلية والدولية.
فالحنين إلى الماضي هو أيضًا الأساس للعديد من نماذج الأعمال الجديدة. كما تشير الدراسات إلى أن الحنين إلى الماضي يجعلنا ننفق المزيد لأجل منفعة شعورية يحتاجها كثيرون منا.
عندما يعاد عرض حفلات أم كلثوم في موسم الرياض كل عام وفق تقنية الهولوجرام. فإن إعادة عرضها على الشاشة الكبيرة نابع من الحنين إلى الماضي. “من أجل الذكريات القديمة”، كما يقولون.
روتانا زمان
ويدفع هذا الشعور الكثير من الناس إلى المواظبة على متابعة قنوات فضائية مثل روتانا زمان وقناة ماسبيرو ودبي زمان، وإعادة مشاهدة أفلام شادية وسعاد حسني وماجدة حيث تتسمر النساء الحانّات إلى الماضي اللاتي يعرفن الحوارات الأيقونية عن ظهر قلب. وربما تكون يحاولن العودة إلى حياة الصبا والأيام الخوالي الجميلة الخالية من الهموم.
إن حبنا للحنين إلى الماضي لم يساعد فقط في إحياء صناعة المسرح بعد أن كادت المنصات أن تبتلعها. بل ساعد أيضًا في بناء العديد من العلامات التجارية والشركات. إن ميلنا إلى التعلق بالماضي هو أيضًا الأساس للعديد من الشركات المزدهرة عبر الإنترنت هذه الأيام.
تجارة الذكريات
لا يقتصر هذا الحب للحنين إلى الماضي على جيل الألفية بالطبع. فالجيل Z والجيل X وحتى جيل طفرة المواليد.. جميعهم أهداف جيدة للتسويق بالحنين إلى الماضي. وهو المصطلح الذي يستخدمه المحترفون لتعريف استخدام الحنين إلى الماضي كأداة تسويق. خذي على سبيل المثال نظام الموسيقى Caravan، وهو في الأساس عبارة عن مجموعة من الأغاني القديمة، يتم تسويقها على أنها قافلة من ذكرياتك التي تستغل الحنين إلى الماضي.
لماذا نحب الحنين إلى الماضي
باعتبارنا بشرًا، نسعى إلى الشعور بالأمان والراحة من خلال تذكر الماضي في بيئة متغيرة باستمرار. ولهذا السبب لا يكتمل أي تجمع للأصدقاء أو العائلة دون إعادة إحياء واسترجاع نفس القصص والذكريات القديمة.
الحنين إلى الصور القديمة
الأغاني التي استمعنا إليها، والعروض التي شاهدناها، والطعام الذي تناولناه، والأشخاص الذين كنا أصدقاء معهم، والجيران الذين أمضينا سنوات النمو فيهم.. كل هذا يثير الحنين إلى الماضي مع مرور السنين. أيضًا إنها تجعلك تشعر ببعض الراحة ولكنها تذكرك أيضًا بأن الحاضر لم يعد كما كان. وللحفاظ على راحة الأوقات القديمة في عالم عابر على الدوام، نميل إلى إنفاق أو الانغماس في أشياء تجعلنا نشعر بهذا الشعور القوي.
إن الحنين إلى الماضي يثير مشاعر الدفء والسعادة والرغبة في قضاء المزيد من الأيام البريئة، مما يسمح لنا بتذكر اللحظات الخاصة. وفي النهاية، يصبح هذا عاطفة قوية وثمينة لأنه يوفر شعورًا بالرضا العاطفي والاستمرارية.
عاطفة وسعادة وتجربة شخصية
الحنين هو عاطفة قوية تجعل الناس يشعرون بالسعادة من خلال استحضار ذكرياتهم الجميلة. إنه أمر شخصي واجتماعي، مما يؤدي إلى استرجاع الناس للأيام الخوالي والترابط معهم. وعندما يتم ذلك بشكل جيد، يمكن لهذا الارتباط العاطفي أن يخلق روابط قوية بين المستهلكين والعلامات التجارية، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الولاء.
وتشير الدراسات إلى أن الحنين إلى الماضي يجعلنا ننفق المزيد من المال. كما أن هناك اتجاهًا رئيسيًا آخر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحنين إلى الماضي ويجعل الشركات أكثر ثراءً في الوقت الحاضر وهو تخليد الذكرى. نحن ندرك تمامًا حبنا للحنين إلى الماضي لدرجة أننا نستثمر فيه مقدمًا. فأكاليل الزهور لحفل الزفاف التي تبادلتموها للتو قبل أسبوع عمرها أكثر من خمسين عامًأ، وهناك العديد من الشركات الكبيرة والصغيرة التي تحافظ على تلك التحف القديمة وتستخدم لأجل الحفاظ عليها الراتينج. ومنصات التواصل الاجتماعي مثل Instagram مليئة بشركات حفظ الزهور والملابس وكل الاكسسوارات القديمة وتديرها جاليرهات وبوتيكات وشركات محلية صغيرة.
ورغم أن هذا التسويق ليس جديدًا، وهو سائد منذ فترة طويلة. فقد استفادت منه علامات تجارية بارزة مثل Nestle Maggi وPaperboat بنجاح.
لا تبالغي في الحنين
ومع ذلك، فإن البقاء على اتصال بالحاضر هو أمر مهم بنفس القدر من البقاء في الحنــين إلى الأبد. فنحن كبشر نميل إلى التعلق بالماضي أو المستقبل، متجاهلين الحاضر. كما إن الشعور بالحنين إلى الماضي أمر جيد بالفعل، ولكن لفترة قصيرة أو أحيانًا. ومع ذلك، فإننا كبشر نأخذ الأمر على محمل الجد من خلال حبنا للعيش في فقاعة الماضي، حيث نعزي أنفسنا بتلك الذكريات، مما يمنحنا فرصة للهروب من الواقع الحالي، والذي قد لا يكون ممتعًا في ذلك الوقت.