الغضب أحد أهم أسباب النوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم
إن علم النفس البشري وعلم وظائف الأعضاء لديهما علاقة حميمة، وهناك ارتباطات مؤكدة تثبت بعض الأمور مثل قلة النوم تسبب “اختلال توازن الدوبامين” أو الضحك الاجتماعي الذي قد يؤدي إلى “إفراز الإندورفين”. ولكن الرابط بين الغضب غير المنضبط وارتفاع ضغط الدم لم يتم تحديده بالكامل بعد. صحيح أن ارتفاع ضغط الدم كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه مجرد اضطراب فسيولوجي. إلا أنه يُعترف به الآن كحالة متعددة الأوجه تتأثر بالعوامل الوراثية والبيئية والنفسية الاجتماعية.
التهديد الصامت:
إن الثقافة الشعبية العربية مليئة باللحظات الدرامية في السينما. حيث يتحول وجه رجل عجوز غاضب إلى اللون الأحمر الدموي وهو يمسك قلبه ويسقط ميتًا. ومن الناحية العلمية، فإن المسار من الغضب إلى النوبة القلبية ليس بهذه البساطة ولكن الأدلة لصالح الغضب. مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وهو عامل خطر مثبت لأمراض القلب، تتزايد.
المحفزات النفسية لأمراض القلب:
في عام 2021، كشف استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب أن الغضب والتوتر والقلق والحزن بلغ مستويات قياسية مرتفعة. ونظراً لارتفاع حالات التوتر “المرتبط بالغضب”. حيث كشف الدكتور راماكانتا باندا أن ارتباطه بالفسيولوجيا البشرية يستحق فهماً أعمق بالطرق التالية:
أ. لا يوجد دليل قاطع على أن الغضب بحد ذاته يسبب ارتفاع ضغط الدم على المدى الطويل. ولكن الحاجة إلى “التهدئة” لم تكن قط أعلى من ذلك. إن التعامل مع الغضب بطرق غير صحية قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية. على سبيل المثال، قد ينخرط الأفراد المعرضون للغضب في اختيارات غذائية سيئة، وتناول الكحول، والتدخين، وقلة النشاط البدني. وكلها عوامل خطر للإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
ب. الهرمونات التي يفرزها الجسم عند التعرض لضغوط عاطفية مثل الغضب قد تؤدي إلى تلف الشرايين. وهذا التلف في الشرايين قد يؤدي بدوره إلى أمراض القلب.
ج. عندما يهدأ الغضب، فقد يسبب الاكتئاب والقلق من الأشياء التي قيلت أو فعلت في نوبة الغضب. وقد يؤدي هذا إلى نسيان الأشخاص تناول الأدوية للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب الأخرى.
د. في حين أن عوامل مثل الوراثة والنظام الغذائي تلعب أدوارًا حاسمة في تطور ارتفاع ضغط الدم. إلا أن الضغوط النفسية، بما في ذلك الغضب، متورطة في التسبب في هذا المرض.
أظهرت الدراسات أن الإجهاد المزمن والعواطف السلبية، مثل الغضـب والعداء، يمكن أن تساهم في تطور وتفاقم ارتفاع ضغط الدم. عندما يتعرض الأفراد للغضب، تفرز أجسامهم هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول. والتي يمكن أن ترفع ضغط الدم مؤقتًا. يمكن أن يساهم التعرض المطول لمثل هذه الاستجابات الفسيولوجية في ارتفاع ضغط الدم المستمر وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للغضب المزمن والعداء أن يعطل أنماط النوم، ويزيد من الالتهابات، ويؤثر سلبًا على وظيفة المناعة، مما يزيد من المخاطر على صحة القلب والأوعية الدموية.
وقد كشفت دراسات التصوير عن كيفية تأثير الضغوط الحادة والمزمنة، بما في ذلك الغضـب، على الدوائر العصبية المعنية بتنظيم ضغط الدم ووظائف القلب. وقد حددت الدراسات الجزيئية والوراثية المؤشرات الحيوية المحتملة والاستعدادات الوراثية التي قد تساهم في الاختلافات الفردية في قابلية الإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية المرتبطة بالضغوط.
لقد أصبح من المهم بشكل متزايد فهم أهمية “قياس ضغط الدم بدقة، والتحكم فيه، والعيش لفترة أطول”. لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية ارتفاع ضغط الدم وارتباطه بالسلوكيات اليومية.