هل تفكرين في تغيير مسارك المهني وأنت في منتصف العمر؟
قد يكون تغيير مسارك المهني والانتقال من مهنة راسخة أحد أصعب القرارات التي ستتخذينها على الإطلاق. ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى تحقيق الرضا العميق والنمو الشخصي وتطوير الذات.
قد يكون تغيير المهنة في منتصف العمر أمرًا مخيفًا. كما تأكد من ترك مهنتك الحالية. ومن الضروري أن يكون لديك فهم واضح للوظيفة التي ترغب في متابعتها.
لو لم تنتقل بعض الشخصيات من العمل الوظيفي إلى ريادة الأعمال في سن متقدمة، فربما لم نكن لنشهد صعود بعض أشهر الماركات والعلامات. وقد حدث موقف مماثل مع سارة سعيد (اسم مستعار)، التي كانت تفكر في اتخاذ خطوة جريئة في سن الخامسة والثلاثين. فبعد عقد من العمل في مجال المحاماة، فكرت في ترك قاعة المحكمة لمتابعة شغفها بصناعة التجميل.
الشواهد كثيرة فلم التردد؟
وفي الوقت نفسه، أمضت طالبة مطر، 45 عامًا، سبع سنوات كمهندسة كهرباء في إحدى شركات القطاع العام المركزية، لكنها شعرت بأن حياتها المهنية أصبحت راكدة. وفي سعيها إلى المزيد من الإثارة، حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال وحصلت على أول وظيفة كمديرة تطوير في إحدى كبرى الشركات.
وتصف هذا التحول بأنه تحول ثقافي كبير، حيث احتضنت البيئة سريعة الوتيرة على الرغم من التحديات التي واجهتها. وبالنسبة لها، كان قرارًا حكيمًا عزز نموها الشخصي والفكري.
وعلى النقيض من ذلك، لم تكن سارة مدفوعة بالنمو؛ ولم يكن عملها كمحامية مجزية يرضيها. بل كان شغفها هو الذي دفعها إلى التحول إلى كاتبة محتوى في مجال التجميل. ورغم أن دخلها الحالي أقل، إلا أنها تجد قدرًا أعظم من الرضا في عملها.
الأمر ليس سهلا
هل فكرت يومًا في تغيير مسارك المهني، سواءً بسبب الشغف أو النمو أو لمجرد الهروب من الرتابة؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت لست وحدك.
إن اختيار مسار جديد ليس بالأمر السهل، والقفز إلى نوع آخر من العمل أمر صعب بالفعل. ومع ذلك، يبحث أكثر من 30 في المائة من الناس عن بداية جديدة. والسنوات من 25 إلى 44 هي الفترة التي يوسعون فيها آفاقهم.
وهناك مهن تتمتع بمدة عمل لائقة، مثل المديرين والمهنيين ذوي المناصب العليا، وغيرهم. فضلاً عن ذلك، قد لا يتمتع المتخصصون في الخدمات بمدة عمل طويلة؛ فهم ينتقلون كل عامين إلى ثلاثة أعوام. علاوة على ذلك، يعتمد طول المهنة على المجال الذي يعملون فيه. ومع ذلك، يعمل الشخص لمدة 90 ألف ساعة في المتوسط طوال حياته. وعلى مدار حوالي 13 إلى 15 عامًا، يفكر الناس في تغيير حياتهم المهنية مع احتمال تحقيق نمو أفضل وفرص جديدة مثيرة.
علاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين عملوا لأكثر من 10 سنوات في صناعة ما هم عادةً أولئك الذين يدركون فجأة أنهم لا يريدون الاستمرار في فعل ما كانوا يفعلونه لفترة طويلة. ينشأ هذا من أماكن متعددة، وهو ينبع بشكل أساسي من الحاجة إلى التغيير.
إجراء التبديل، ولكن لماذا؟
ويرى البعض أن الناس يغيرون مساراتهم المهنية لأسباب مختلفة، وتتأثر هذه الأسباب بعوامل شخصية ومهنية وعوامل السوق:
عدم الرضا الوظيفي: عدم الرضا عن وضع العمل الحالي
النمو الوظيفي: البحث عن فرص أفضل
التوازن بين العمل والحياة: الرغبة في تقليل التوتر أو زيادة المرونة
عدم الاستقرار المالي: البحث عن دخل مستقر
الأمن الوظيفي: الانتقال إلى مجالات ذات أمن أو فرص أفضل
الاهتمامات الشخصية: متابعة شغفك في مجال آخر
التعليم والمهارات: مهارات جديدة أو فرص مفتوحة للتعليم العالي
تغيرات الحياة: محطات مهمة في الحياة تدفع إلى التحول
الإرهاق: البحث عن مهنة أكثر قابلية للإدارة أو أكثر متعة
عدم التوافق بين الشركات: عدم الارتياح لثقافة أو قيم صاحب العمل الحالي.
كما أن الناس يغيرون مهنهم أيضًا بسبب مشاكل شخصية. وفي بعض الأحيان، لاستعادة السلام الأسري، يتعين عليهم تغيير مكان عملهم أو نوع العمل.
التنقل في التحول
أحد التحديات التي قد نواجهها هو قبول رواتب أقل. ويتطلب الأمر المرونة والتصميم للتغلب على هذا. فهناك العديد من الحالات التي يتعين فيها على الشخص الذي يغير مساره المهني أن يقبل خفض الأجر فقط من أجل مساره المهني الجديد.
كما إن الصعوبة الأخرى التي قد تواجهها هي سد الفجوة في المهارات الجديدة. ولا يتعلق الأمر بترك كل الخبرة وراءك والبدء من الصفر، بل يتعلق باستغلال خبرتك بطرق أخرى تناسب حياتك المهنية الجديدة.
إن التحول في مهنتك يعني بناء شبكة جديدة من المثقفين، وهو ما قد يكون فرصة مثيرة.
العقلية
ولابد من الإشارة إلى عقبة “العقلية”. حيث يفقد العديد من الأشخاص ثقتهم بأنفسهم عندما يعتبرون أنفسهم “أكبر سنًا” من المهنة التي يلتحقون بها. حيث إنه يجب اعتبار تغيير المهنة في منتصف العمر يجب أن يُنظر إليه باعتباره بداية جديدة.
وغالبًا ما يُنظر إلى الأشخاص الذين يغيرون مساراتهم المهنية في منتصف العمر على أنهم مرتبكون أو غير ناضجين. يُعتبر الاستقرار مفتاحًا لمهنة جيدة. لكن الاستقرار لا يكون جيدًا إلا إذا كنت راضيًا عن مكانك الحالي. إن العمل في مهنة تجعلك غير سعيد يمكن أن يكون مرهقًا ويؤثر على صحتك العقلية.
قد يكون تغيير المهنة أمرًا مخيفًا بالفعل. يرى الخبراء أنه قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة، بالإضافة إلى مراعاة العقبات، يجب عليك أيضًا التأكد من أنك تريد بالتأكيد ترك مهنتك الحالية.
ومن المهم جدًا أن يكون لديك خطة احتياطية. حيث إن الأمر الأكثر أهمية هو التأكد من أن لديك موارد مالية كافية للعيش بشكل مريح ودون تغيير نمط حياتك تمامًا بين عشية وضحاها. ومن المهم أيضًا فهم الصناعة التي ستدخلينها وتطوير مهاراتك وفقًا لذلك.
وقبل تغيير المسار المهني، فكري في تقييم نفسك لمواءمة الاهتمامات والمهارات، والبحث الشامل في المجال الجديد، واكتساب المهارات اللازمة. قومي ببناء شبكة من الأفكار وفرص العمل، وكوني مرنة للتكيف مع التحديات، وناقشي هذه الخطوة بالتفصيل واطلبي الدعم من العائلة أو الأصدقاء أو مستشاري التوظيف للتنقل بسلاسة.
الضغط المجتمعي
إن توقعات المجتمع هي التي تجعل الناس يتساءلون “كيف حالك؟”. لكن عليك فقط أن تجيب على هذا السؤال بنفسك. تذكر دائمًا أن سعادتك هي الأهم. وفي الأوقات التي يؤمن فيها الناس بإثارة إعجاب المجتمع، كن أنت الشخص الذي يبرز من بين الحشود ويتسلق جبل النصر.
يمكن أن تكون خطوة إيجابية
إن تغيير المهنة في منتصف العمر قد يؤدي إلى إحساس متجدد بالهدف في الحياة، وزيادة الرضا الوظيفي، وتحسين التوازن بين العمل والحياة.
ومع النضج والخبرة، يمكنك اتخاذ قرارات أكثر استنارة، والاستفادة من مهاراتك وبصيرتك. كما يوفر لك ذلك فرصة متابعة الشغف والاهتمامات التي ربما تم تجاهلها في وقت سابق من الحياة.
ومن الواضح أنك ستواجهين عقبات بمجرد تغيير مسارك المهني. ولكن تذكري أنه باستخدام استراتيجيات مختلفة، يمكنك التغلب على هذه العقبات، ما يعني أنها قد يكون مجزية كما هو متوقع وربما أكثر.