المرأة العصرية والراقية

محاور المشاهير عدنان الكاتب في حوار جديد مع Stella McCartney

على مدى سنوات طويلة التقيت المصممة المبدعة “ستيلا مكارتني” Stella McCartney مرات عديدة، وفي كل مرة أكتشف أن في جعبتها الكثير لتضيفه إلى عالم الموضة والأناقة والجمال، فهذه الرائعة التي تنحدر من عائلة عريقة، والحائزة على وسام الإمبراطورية البريطانية من الملكة إليزابيث، ما زالت مولعة بالدفاع عن القضايا التي تؤمن بها، كما تحرص على دعم المرأة في كل المجالات، ولأنها تعتقد أن عالم الأزياء والجمال يمكن أن يقود المرأة أحيانا إلى عدم الثقة بنفسها، تؤكد دائما أن وظيفتها أن تجعل المرأة تشعر بكل شيء إيجابي نحو ذاتها، وتشجعها على اختيار ما يناسبها، وتنصحها بألا تدع أحدا يملي عليها ما تفعله، وألا تدع مصممي الأزياء يفرضوا عليها ما ترتديه.

حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb

 

حواري مع “ستيلا مكارتني” هذه المرة الذي جاء بمناسبة افتتاح متجرها الثاني في دبي، تركز على موضوع الاستدمة، لكنني سألتها أولا عن الغاية من افتتاح المتجر الجديد في هذه الظروف، وكيف سيجسّد عالم ستيلا مكارتني، فأجابت:

متجرنا الجديد في دبي مول رائع! فهو مستوحى من تصميم متجرنا الرئيسي في شارع Old Bond الشهير في لندن، ويحتفل المتجر بعالم وقيم علامتي التجارية الملتزم بالاستدامة والابتكار، وقد صممناه ونفذناه باستخدام مواد فاخرة منخفضة التأثير، وبذلنا قصارى جهدنا للعمل باستخدام مواد مصنوعة يدويا ومصادر مستدامة، كما هو الحال مع متاجرنا، فشعارنا هو الإصلاح وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير!.

 

وماذا عن طبيعة الديكور والألوان؟

أنا أحب التباين والتناقض في القوام والألوان. فالجدران الخرسانية المحددة تتناقض مع اللون الوردي الناعم الذي استخدمناه لأريكة Mario Bellini الرائعة التي تشبه السحابة. هناك الكثير من لمسات الاستدامة المثيرة للاهتمام في جميع أنحاء المتجر، ولكن المفضلة لدي هي بالتأكيد لوحات الحائط الورقية المصنوعة من نفايات الأوراق المحلية، علما أن دهان المانيكان مصنوع أيضا فقط من مواد عضوية متجددة، والمانيكانات نفسها مصنوعة من قصب السكر وقابلة للتحلل البيولوجي تماما، والكثير من زباءننا لا يعلون ذلك كما أن الكثير منهم يجهلون أن جميع حقائبنا وأحذيتنا مصنوعة من الجلد النباتي!.

 

حدثينا عن مجموعتك لموسم صيف 2022 وكيف تعكس وعيك بمستقبل البيئة؟

بعد مشاهدة الفيلم الوثائقي Fantastic Fungi، استوحيت الإلهام من الطبيعة المضيئة والغريبة للفطريات، لقد كان ذلك تذكيرا حقيقيًا بأن ما لا نراه أمامنا في الحياة ذو أهمية أيضا، مثل مادة Mycelium التي صُنعت منها حقيبة Frayme Mylo وهي أول حقيبة يد في العالم من Mycelium يتم تقديمها على الكات ووك. وخططنا لطرحها في الأسواق خلال هذا العام، وأنا متحمّسة جدا لها لأنها تمثل علامة فارقة في عملنا الابتكاري.

كان الفيلم الوثائقي دافعا حقيقيا في عمليتي الإبداعية لمجموعة صيف 2022، ونتيجة لذلك استخدمت رسوما تظهر الفطريات على الفساتين والقمصان الرائعة والقطع الرسمية المصنوعة من الفسكوز الصديق للغابات.

المجموعة مصنوعة من مواد صديقة للبيئة بنسبة 63٪ كما هو الحال دائما، فهي خالية من الجلد والريش والفراء، وتتميز بوجود بعض المواد المستدامة الرئيسية مثل البوليستر المعاد تدويره، والإيلاستين، والنايلون المُتجدد، والقطن العضوي، والكتان والصوف!

 

علمنا أنك استخدمت مواد جديدة لم تستخدم من قبل؟

نعم هذا صحيح فالجديد بالنسبة لنا استخدام مادة RefibraTM التي استخدمناها في القمصان هذا الموسم وهي مصنوعة من ألياف الملابس المعاد تدويرها، وصبغة Recycrom التي تستخدم نفايات المنسوجات المعاد تدويرها على الدنيم القطني العضوي. فهل تعلم أن الأصباغ التقليدية غالبا ما تستخدم مواد بترولية بكر، مما يؤثر سلبا في المناخ وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟ بينما تقوم Recycrom بتحويل نفايات النسيج بشكل مبتكر إلى دباغة يمكنها صبغ القطن والألياف الأخرى. وبهذه العملية لا نستخدم أي وقود أحفوري ونمنع المنسوجات من أن ينتهي بها المطاف في مكب النفايات.

 

ألا يؤثر استخدام مواد مثل Refibra وShroom والفسكوز الصديق للغابات والمواد المستدامة الأخرى على عملية التصميم؟ ما التحدّي الذي يفرضه استخدام مثل هذه المواد؟

توجد تحديات وقيود عديدة عند العمل بهذه الطريقة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمصادر موادنا، لذا فإن الوصول إلى هذه الأهداف لم يكن سريعا أو سهلا، لأن ذلك يتطلب عملا طويلاً بالتأكيد، لأنني دائما أتحدى نفسي من أجل العثور على أفضل المصادر.

عندما تواجهني قيود تحد إبداعي، أحب العمل بالـ Sequins على سبيل المثال، لكنني أدركت سريعًا أن 99٪ منه مصنوع من البترول، ولذا بالنسبة لي، استغرق الأمر وقتا للعثور على بدائل مستدامة، مما جعل خياراتي محدودة بأربعة أنواع منه يمكنني استخدامها في عملي، وهي الأنواع التي سألتزم باستخدامها حتى لو كان ذلك صعبا ويحد من إمكانياتي، لأنني لن أحيد أبدا عن أهدافي.

عليي أن أتحلى بالأمل وأتذكر أنها رحلة لا تنتهي. أعتقد أن ذلك هو أحد الأسباب التي تجعل صناعة الأزياء تقتصر على ما يقرب 10 أقمشة يتم استخدامها مرارا وتكرارا، فتطوير المزيد من الأقمشة المستدامة يعد استثمارا كبيرا في الوقت والمال والطاقة.

 

 

كيف يمكنك وصف تطور حقيبة FRAYME الأيقونية التي يبدو أنك لا تستغنين عنها في إطلالاتك؟

أطلقنا حقيبة Frayme ضمن مجموعة خريف 2021، وسرعان ما أصبحت القطعة المفضلة بالنسبة لي. أحملها كل يوم! فهي تمتاز بستايل جريء مستوحى من حقيبة Falabella الشهيرة الآن التي أطلقتها عام 2009 والتي لا تزال الأكثر مبيعا حتى يومنا هذا!

تتميّز حقيبة Frayme بجنزير Falabella المصنوع من الألمنيوم لأنه ذو تأثير بيئي منخفض وقابل لإعادة التدوير بشكل غير محدود.

تم تصنيع Frayme يدويا في إيطاليا باستخدام مواد نباتية بالكامل (بجسم مصنوع من Alter Mat) بديلنا الخالي من القسوة عن جلد الحيوانات.

طورت حقيبة Frayme الآن إلى أبعد حد، وإنتجت نسخة مصنوعة من مادة Mylo المطورة من قبل Bolt Thread، وهي مصنوعة من مادة Mycelium، البنية الجذرية للفطر والتي ظهرت في أحدث عروضنا. يعد ّ هذا الأمر بمثابة تطور حقيقي، وأنا أؤمن حقا بأن جلد الفطر سيكون في منافسة مباشرة مع نظيره المصنوع من الجلد الطبيعي. ترقبوا ما هو قادم في هذا المجال!

 

ضمن بيان الرؤية الخاص بعلامكم جاءت العبارة التالية: “كل قرار نتخذه هو بمثابة رمز لالتزامنا بتحديد ما سيغدو عليه مستقبل الموضة”.. كيف سيكون برأيك مستقبل الموضة؟

مستقبل صناعة الأزياء بالنسبة لي يكمن في مجال التجدد، والزراعة المتجددة على وجه الدقة، فجميعنا في نهاية المطاف “مزارعون” في هذه الصناعة، الأمر الذي أعرف أن كثيرين يميلون إلى نسيانه! نحن نعلم أن 60٪ من عمل الخير الذي ننجزه هنا في Stella McCartney يعود بالدرجة الاولى إلى مصادرنا، وكذلك إلى المزارع والمزارعين الذين نعمل معهم، لذلك أعتقد أن هذا النوع من الزراعة سيكون حلاً حقيقيا للمساعدة في جعل صناعة الموضة أكثر استدامة، حيث يساهم هذا الأمر  في تحقيق الأهداف المناخية الكبيرة التي تحتاج الصناعة إلى تحقيقها بما يتماشى مع اتفاقية باريس التي تحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال خفض الحرارة بـ1.5 درجة مئوية.

يشار إلى الزراعة المتجددة أيضا باسم “زراعة الكربون” لأنها تزيد من التنوع البيولوجي، وتجدد التربة السطحية، وتحسّن المياه، وتعزز خدمات النظام البيئي، وتحتجز الكربون في التربة.

عملنا واستثمرنا في مزرعة قطن متجدد في تركيا لأكثر من عامين حتى الآن، وفي  نوفمبر الماضي، بدأ شركاؤنا في LVMH أيضا الاستثمار في المشروع مما يبين مدى أهمية تلك الزراعة.

تقع مزرعة الصوف المتجدد التي كنا نعمل معها في أستراليا وقد مارسوا هناك “زراعة الذكاء الطبيعي” لأكثر من 10 سنوات حتى الآن، وهم يعملون على تحسين نهجهم جنبا إلى جنب مع كبار علماء التربة والمجتمعات الأصلية المحلية، وبعد سنوات من المحاولات والأخطاء المتكررة عند تطبيقها في مزارعهم، تمكنوا من استعادة آلاف الهكتارات من الأراضي المتقهقرة بفضل ممارساتهم الزراعية.

 

كيف يمكن لصناعة الأزياء أن تصبح مستدامة بنسبة 100%؟

هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تصبح عبرها صناعة الأزياء مستدامة. يتطلب تحقيق نسبة 100٪ من الاستدامة وقتا طويلا، لكني آمل أن نتمكن من ذلك لأننا قطعنا شوطا طويلا في السنوات الخمس الماضية.

أنا أعمل على تغيير الأشياء التقليدية في مجال عملي حاليا، وهذا ما يحفزني ويدفعني إلى الأمام، لكنه في الوقت نفسه يمثل تحديا كبيرا.

أحاول أن أكون أكثر وعيا ومسؤولية، وأن يكون لدي نهج أكثر حداثة.. كان على رأس جدول أعمالنا لفترة طويلة الحاجة إلى العمل بطريقة تدويرية، ففي الوقت الحالي يتم إعادة تدوير ما نسبته أقل من 1٪ من المواد المستخدمة في إنتاج الملابس وتحويلها إلى ملابس جديدة، مما يعني أن 99٪ من المنسوجات والأزياء تتحول إلى نفايات.

يوفر نظام التدوير فرصا جديدة لإعادة النظر في عمليات التصنيع والمنتجات والتقنيات والاستهلاك وإدارة النفايات، مما يتيح الفرصة لإعادة إطلاق الأنشطة الاقتصادية وخلق فرص العمل.

نعمل في Stella McCartney على تقليل استخدام المواد الخام، ونبحث عن الأقمشة القديمة، وإعادة استخدام المواد المفضلة بالنسبة لنا لصنع شيء جديد وغير متوقع من بين أشياء أخرى.

من الأمور الهامة جدا التي ألاحظها أن صناعة الأزياء في الوقت الحالي ليست خاضعة للرقابة، مما يعني أنه لا توجد حاليا سياسة مطبقة لضمان عمل العلامات التجارية بطريقة معينة، وهذا مدعاة للتعجب، مما يعني أن العلامات التجارية تفلت من الجريمة بلا عقاب.

 

هل يمكنك ذكر أسماء بعض رائدات الأعمال اللاتي يعملن على تحسين عالم الاستدامة في الوقت الحاضر؟ كيف يلهمنك؟

عندما حضرت أخيرا مؤتمر (COP26) مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في غلاسكو في المملكة المتحدة تم تكريم العديد من النساء اللواتي يعملن بجد في مجالاتهن المختلفة لجعل العالم مكانا أفضل ويناضلن من أجل معالجة تغير المناخ بشكل مباشر.

بالنسبة لي، تعدّ Greta Thunberg نجمة حقيقية في هذا المجال. فهي تمثل حاليا جيلا كامل يقف ويخبرنا أن المنزل يحترق، وأن الحكومات بحاجة إلى أن تستيقظ وأن تتصرف تجاه ما يحصل.

إنها قوية بشكل لا يصدق. خلال المؤتمر أيضا كنت محظوظة بلقاء الناشطة المناخية الأوغندية Vanessa Nakate والمشاركة في حلقة نقاش معها، فقد تمكنت هذه الشابة ذات الـ25 ربيعا من لفت الكثير الانتباه إلى القضايا العاجلة المتعلقة بغابات حوض الكونغو المطيرة وقضايا المناخ المثيرة للقلق في أوغندا.

لقد كان ذلك تذكيرًا ملهما بقوة الجيل القادم الذي يعدوصوت الغد.

الشباب هم الذين سيعانون من عواقب تغير المناخ، وهم أكثر وعيا بكثير بأنها مشكلة، وأكثر وعيا بالحلول المحتملة لها، وعندما يتحدثون من واجبنا الإصغاء إليهم.

 

 

 

 

 

يمكنك أيضا قراءة