المرأة العصرية والراقية

محاور المشاهير عدنان الكاتب يحاور المصمم Richard Quinn

 حوار: “عدنان الكاتب”Adnan AlKateb

تحتفل المملكة المتحدة هذا الشهر باليوبيل البلاتيني لتتويج الملكة “إليزابيث” الثانية، مع سلسلة من الاحتفالات الرسمية التي ترافقها فعاليات ونشاطات تنتشر في أرجاء البلاد. من بين أجمل هذه المبادرات، كان افتتاح البوتيك المؤقت “ذا كرييتيف سبوت”The Creative Spot  لتسليط الضوء على المواهب البريطانية الصاعدة في مجال التصميم، في تعاون جديد بين مجلس الأزياء البريطاني وقرية التسوق الفاخر “بيستر فيلج”Bicester Village  في مقاطعة أكسفوردشير. بدأت الشراكة بين مجلس الأزياء البريطاني و”بيستر فيلج” قبل عدة أعوام، مع برنامج يدعم المواهب الشابة في تطوير قدراتها الإبداعية والتجارية من خلال دورات تدريب وإرشاد ومتاجر مؤقتة تشكل منصة مجانية استثنائية يعرضون عبرها تصاميمهم أمام متسوقين آتين من حول العالم. بوتيك “ذا كرييتيف سبوت” يعرض حتى الـ15 من يونيو أعمال جيل جديد من المبدعين الشغوفين بالابتكار وبالاستدامة، تحت إشراف المصمم البريطاني الشاب “ريتشارد كوين”Richard Quinn .

لبت مجلة “هي” دعوة “بيستر فيلج” لزيارة متجر “ذا كرييتيف سبوت” والتعرف إلى ابتكارات مواهبه، وعلى رأسها المصمم “ريتشارد كوين”، الذي تسلق سلم النجاح والشهرة بسرعة البرق، برق لمع في سماء الموضة العالمية وأنار درب الإنجاز أمام الأجيال الصاعدة. منذ تقديمه أول عرض له خلال أسبوع الموضة في لندن بعد فوزه بمنحة كاملة من مجلس الأزياء البريطاني للمشاركة في برنامج العروض الرسمي، يترقب الجميع مجموعته الجديدة في كل موسم. ويفاجئنا في كل مرة بجمعه بين القصات الضخمة المستوحاة من عالم الخياطة الراقية والألوان الصارخة والنقوش القوية، وبعدم تردده في استعمال أقمشة ومواد غير متوقعة، وأيضا بزعزعته للتقاليد والقيود عبر دمج مصادر إلهام متناقضة ومتضاربة وآتية من حقب مختلفة وثقافات متنوعة.

يهدي إبداعه إلى كل امرأة، ويرغب في جعل الموضة الفاخرة متوفرة لكل الناس عبر تعاونه مع عدة علامات تجارية ضخمة. لكنه على الرغم من الشهرة والنجاح اللذين حققتهما علامته الخاصة في غضون أعوام قليلة للغاية، وعلى الرغم من أن أحد عروض أزيائه كان العرض الأول الذي تحضره شخصيا الملكة “إليزابيث” الثانية التي كرّمته بجائزة تاريخية، حافظ “ريتشارد كوين” الشغوف بالفنون منذ نعومة أظفاره على تواضعه ورصانته ونضوجه وهدوئه وتركيزه المحترف على العمل وعلى تطوير موهبته الحقيقية، واقفا بقدمين ثابتتين على الأرض وموجّها عينيه نحو فضاء لا محدود.. وهو ما لمسناه في هذا الحوار الحصري.

احتفال بالمواهب الإبداعية

في بداية لقائنا، تحدثنا عن تعاونه مع “بيستر فيلج” ومجلس الأزياء البريطاني، وسألناه عن سبب اختياره لتصميم متجر “ذا كرييتيف سبوت” وعن شعوره حيال هذه التجربة. فعبّر عن اعتزازه بالمشاركة في احتفالات اليوبيل البلاتيني للملكة “إليزابيث” الثانية، خصوصا من خلال منبر يسمح بإلقاء ضوء عالمي على المواهب الإبداعية المحلية. اعتبر أن الخيار وقع عليه لأن المتجر المؤقت يرافق احتفالات يوبيل الملكة التي كانت قد قدمت إليه جائزة مهمة قبل بضع سنوات، والتي لطالما دعمت المواهب البريطانية. ويقول: “كان لقاء جميلا للجميع، وبدأنا فورا باختيار مصممين يافعين ومصممين معروفين أيضا لعرض ابتكاراتهم، وعملنا على ترتيب منتجاتهم ضمن المساحة. المشروع كان رائعا وممتعا حقا”. فريق عمل “بيستر فيلج” كان من اتصل به، وأخبره أكثر عن هذه الوجهة الفاخرة التي كان قد سمع عنها الكثير دون أن يزورها، ووجد فيها لدى زيارته الأولى الكثير من المتاجر المثيرة للاهتمام.

أما الجائزة التي ذكرها، فهي “جائزة الملكة إليزابيث الثانية للتصميم البريطاني” التي كان “كوين” أول مصمم يفوز بها، وذلك حين حضرت الملكة “إليزابيث” الثانية عرضه لموسم خريف وشتاء 2018 في أسبوع لندن للموضة. كانت المرة الأولى التي تحضر فيها الملكة عرض أزياء، وبعد أن فاجأت الكل بحضورها، كرّمت “كوين” لموهبته الاستثنائية ومساهماته في المجتمع الإبداعي.

 

شغف وإرادة

تصميم الأزياء كان مسارا مهنيا طبيعيا للمصمم الشاب الذي كان دائما مهتما بالفنون، وخصوصا منها الرسم والحرف اليدوية. ويخبرنا أن اهتماماته اتجهت نحو عالم الموضة حين كان مراهقا وتأثر بمجلات الأزياء وملابس الفرق الموسيقية المفضلة لديه. وقد تأثر خلال نشأته أيضا بأعمال مصممين اعتبرهم قدوات له، ومنهم “جان بول غوتييه” و”موغلير” اللذان قدّما استعراضات دراماتيكية حقيقية، وعروضا ضخمة، وفساتين مبالغة القصات ومزخرفة ومطرزة بكثافة ودقة.

دعمه والداه وشجعاه على القيام بما يحلم به، فالتحق بكلية “سنترال سينت مارتينز” الشهيرة، وتخصص في تصميم الأزياء وطباعة النقوش على الأقمشة: “هكذا تعلمت تصميم الأزياء النسائية، والعمل على نقوش أقمشتها أيضا. وبعد التخرج مع شهادة ماجستير في الأزياء عام 2016، فتحت استوديو للطباعة على الأقمشة في لندن بهدف الطباعة لمصممين آخرين. شيئا فشيئا، بنيت مجموعتي الخاصة، وبدأت الرحلة”.

في البداية واجه صعوبة في تمويل نماذجه الأولية، لكنه قرر أن يطبع أقمشته بنفسه، واشترى آلات طباعة، وتمسك بإرادته وعزيمته الصلبتين. انتظر تحقيق ما وصل إليه اليوم لوقت طويل، لكنه ينظر إلى رحلته حتى الآن، ويرى أن علامته شهدت نموا سريعا، وأن كل مراحل مسيرته المهنية مرت بسرعة.

 

نقوش تنبض بالحياة

كانت المجموعات التي قدمها منذ مشاركته الأولى في أسبوع الموضة في لندن غنية بتنوع مصادر إلهامها التي تتصادم في الكثير من الأحيان، ولافتة بقوتها وجرأتها ومقاربتها المرحة. ولعل أبرز عناصرها المتكررة رسوم الأزهار الدراماتيكية المفعمة بالألوان والطاقة والحياة. وبسبب تركيزه على النقوش والعمل على طباعتها بنفسه، يقوم مع فريق عمله بأبحاث معمقة وبشراء أقمشة وصور قديمة خلال مرحلة تطوير أقمشة التشكيلة الجديدة، بالتزامن مع الرسم والتفكير في القصات وفي رسالة المجموعة. في عمل تقني دقيق، يتحول الإلهام بعد ذلك إلى رسوم على ورق يتم مسحها إلكترونيا أو إلى رسوم منفذة مباشرة على الحواسيب اللوحية؛ وبعد الطباعة، يختار فريق الاستوديو الرسوم التي تعجبه ليكرر طباعتها على الآلات الموجودة.

“ريتشارد كوين” الذي يعشق حرفته ويعمل على الطباعة بالشاشة يوميا، حوّل الاستوديو الخاص به ليس فقط إلى مكان يصمم فيه مجموعاته ويطبع أقمشته، بل أيضا إلى مساحة يتعاون فيها مع دور كبرى لطباعة نقوش أزيائها، ويقدّم فيها فرصة إلى الطلّاب والمصممين الناشئين ليطبعوا نقوشهم وزخرفاتهم بأسعار معقولة. ولطالما أظهر دعمه للمواهب الصاعدة، حتى في عروضه التي يدعو إليها طلّاب كليات التصميم للجلوس في الصفوف الأمامية. يريد أن يلعب دورا ملموسا في إلهام الجيل الجديد وإنارة دربه في زمن من التقلب والغموض، ويقول: “الأشخاص الطيبون هم الأكثر نجاحا. كل الأعمال الجيدة التي نعملها تعود إلينا بطريقة ما. الخير يجلب الخير”.

 

أحلام ونجوم

ماذا عن أحلام المستقبل؟ يريد “كوين” أن يواصل بناء شركته، حتى تصبح إحدى أهم دور الأزياء في العالم. ويشدد على أن علامته التجارية مستقلة، ولا تملك أي مجموعة كبرى حصة فيها: “أريد الاستمرار في التوسع والنمو. لدي الآن فريق عمل صغير، ومن بين أعضائه إحدى شقيقاتي الثلاث”. يتمسك بقيم كثيرة، ومنها العائلة التي تهمه جدا. ولد في جنوب شرق لندن لوالدين أيرلنديين، وترعرع في العاصمة الإنجليزية. لكنه كان يزور أيرلندا في الإجازات الصيفية طوال طفولته، ويتذكر شواطئها الجميلة، وهواءها النقي، ونمط عيشها الهادئ، واللحظات الجميلة التي أمضاها فيها مع عائلته.

هذا الشاب الذي يقدّر ذكريات النزهات العائلية في الهواء الطلق والحدائق العامة، قد ألبس حتى اليوم عددا هائلا من النجمات، وأشهرهن “كيم كارداشيان” وشقيقتاها “كيندال” و”كايلي”، و”كاردي بي”، و”بيونسيه”، و”أنيا تيلور جوي”، و”دوا ليبا”، و”مايلي سايرس”، و”جينيفر لوبيز” و”بريانكا شوبرا”. يستمتع برؤية تصاميمه على السجادة الحمراء في إطار مختلف عن منصة العرض، وينتظر بحماس أن يرى كيف ستبدو القطعة على السجادة الحمراء، وكيف تحوّل النجمة تصميمه وترتديه وتنسقه على طريقتها، فتبعث فيه حياة جديدة. سألناه أخيرا عن الشرق الأوسط، وأجاب أنه يعمل مع الكثير من الناس في منطقتنا، ويبتكر لنساء عربيات كثيرات قطعا حصرية مصممة حسب الطلب، منها الفساتين الاحتفالية الضخمة، وفساتين الزفاف. ويتطلع إلى نمو أعماله وتوسيعها في الشرق الأوسط.

 

 

يمكنك أيضا قراءة