عدنان الكاتب يتحدث عن Dolce&Gabbana Alta Moda في ذكراها العاشرة قصيدة حب إلى صقلية
لا تكف دار “دولتشي أند غابانا”Dolce&Gabbana يوما عن استكشاف طبيعة موطنها وثقافته وتاريخه وفنونه، وإظهار كل أوجه جماله. واحتفالا بمرور عشر سنوات على ولادة مجموعة أزيائها الراقية المعروفة باسم “ألتا مودا” Alta Moda، عادت بنا الدار إلى صقلية، في تحية إلى هذه الجزيرة التي لطالما شكّلت بثقافاتها وتقاليدها المتعددة مصدر إلهام لا ينضب ولا يفنى لمصممَي الدار “دومينيكو دولتشي” Domenico Dolce، و”ستيفانو غابانا” Stefano Gabbana. فمن ساحة “بياتزا دوومو” في القلب التاريخي لمدينة سرقوسة، مرورا بكهف حجري غامض داخل منطقة أثرية، إلى بلدة صيد الأسماك القديمة “مارتساميمي”، أخذتنا الدار الإيطالية الفاخرة في رحلة من الأناقة والإبداع والحرفية، لتقدّم أحدث مجموعات الأزياء النسائية الراقية “ألتا مودا”، والمجوهرات الراقية “ألتا جويليريا”، والأزياء الرجالية الراقية “ألتا سارتوريا”.
صقلية: “عدنان الكاتب” Adnan AlKateb
المصممان العبقريان “دولتشي أند غابانا” يفعلان كل يفعلانه بمنتهى الحب، ونظّما في صيف هذا العام سلسلة فعاليات احتفالية رافقت إطلاق هذه المجموعات الفخمة على مدى أيام عدة، وحضرها زبائن “ألتا مودا” وأصدقاء الدار الآتون من حول العالم.
بدأ حلم “ألتا مودا” مع عمل من إخراج “ديفيد ليفرمور” افتتح موسم المسرحيات الكلاسيكية هذه السنة في المسرح اليوناني الأثري في سرقوسة، وقدّمت السوبرانو الإيطالية المولودة في إثيوبيا “مريم باتيستيلي” أداء ساحرا رافقتها خلاله العازفة “عايدة بوسلمة” على البيانو.
تصميما تلو الآخر، وفعالية تلو الأخرى، صاغت “دولتشي أند غابانا” المعتزة دائما بإيطاليتها احتفالا حقيقيا بشعب صقلية وتاريخها وثقافتها وأساطيرها، وأيضا بحرفية مشاغل الدار التي ميّزت تصاميمها الساحرة على مر السنين..
10 سنوات من الإبداع والحرفية: قبل عشر سنوات، في يوليو 2012، أقيم أول عرض لمجموعة “ألتا مودا” حين قدّم “دومينيكو دولتشي” و”ستيفانو غابانا” تشكيلة أزياء راقية من 73 إطلالة في بلدة تاورمينا على الساحل الشرقي من جزيرة صقلية، بحضور أصدقاء الدار ونجوم عالم الموضة. ومنذ تلك اللحظة، أصبح عشاق الخياطة الفاخرة ينتظرون موعدا مع روائع “ألتا مودا” مرتين في السنة، موعدا مع الفخامة والأناقة والرقي يحملهم إلى أجمل المناطق الإيطالية.
العرض الثاني كان في ميلانو مع مجموعة مستوحاة من رموز هذه المدينة العريقة وعمارتها، ودعتنا الدار بعد ذلك إلى قصر “بالاتزو باربارو” المطل على “القناة الكبيرة” في مدينة البندقية مع مجموعة مستوحاة من جمال جمهورية البندقية القديمة، قبل أن تعود إلى ميلانو، حيث كانت هذه المرة أشكال الأزهار المستوحاة من روائع أعظم الرسامين بطلة الأزياء والمجوهرات. جزيرة كابري كانت أيضا محطة لجولة “ألتا مودا” الإيطالية، مع عرض ساحر عند مغيب الشمس في أحضان خليج صغير مواجه للتشكيلات الصخرية التي تشتهر بها الجزيرة، وشهدت بلدة بورتوفينو عام 2015 إطلاق مجموعة تتأرجح بين الحلم والواقع في تفسيرها لمسرحية “حلم ليلة منتصف الصيف” للشاعر والكاتب “شكسبير”. ومن العناوين التي تكررت في حكاية “ألتا مودا”، مسرح “تياترو ألا سكالا” في ميلانو، حيث احتفت الدار الإيطالية بسحر الباليه، وبطلات الأوبرا، وحرفيي ديكورات المسرح.
لم تغب المدينة الجنوبية نابولي عن رحلة “ألتا مودا” بل استقبلت عرضا أهدته “دولتشي أند غابانا” إلى الأيقونة “صوفيا لورين”، وفتحت بحيرة كومو الشهيرة قلبها لمجموعة كرّمت جمالها الساحر، واحتفت ميلانو بالنهضة الميلانية التي جرت في أواخر القرن الخامس عشر مع مجموعة أزياء تألقت داخل قصر باروكي تاريخي. وكان لجزيرة صقلية المرتبطة بجذور الدار وأيضا ببداية “ألتا مودا”، دور متكرر مع عرض في عاصمتها الإقليمية باليرمو، حيث كان العنصر الزيني الأساسي في مجموعة الأزياء رمز عربة صقلية التقليدية، ولاحقا مع عرض آخر في وادي المعابد الأثري في مقاطعة “أغريجنتو” مع مجموعة استكشفت حكايات الميثولوجيا الاغريقية.
في سبتمبر 2020، أطلق “دومينيكو دولتشي” و”ستيفانو غابانا” نهضة جديدة من فلورنسا عاصمة النهضة والمدينة التي ولدت فيها الخياطة الراقية الإيطالية، حاملَين نسمة أمل تتحدى الأزمة التي كانت تخنق عالمنا. وفعالية “ألتا مودا” الأخيرة التي سبقت موعدنا في صيف 2022 كانت في البندقية، حيث التقى الإرث المحلي بإبداع “دولتشي أند غابانا” وحرفيتها.
تحف الخياطة الراقية: إن عالم “ألتا مودا” المبني حول التصميم الرائع والخياطة البارعة والحرفية الممتازة هو أكثر من مجرد أزياء ساحرة وحصرية تحلم كل امرأة بارتدائها، بل هو كما قال المصمم “دومينيكو دولتشي” خلال المؤتمر الصحافي الذي سبق العرض: “أسلوب عيش”. في قصيدة حب إلى صقلية، مثّلت مجموعة “ألتا مودا” الجديدة بكل فخر ثقافة الجزيرة الإيطالية وشعبها. على جزيرة أورتيجيا الصغيرة التي تعتبر القلب التاريخي لمدينة سرقوسة الغنية بتاريخ روماني وإغريقي عريق، عرضت دار “دولتشي أند غابانا” مجموعة الأزياء النسائية الراقية “ألتا مودا” الجديدة على ساحة “بياتزا دوومو”، حيث يلتقي في المنحوتات والزخارف المعمارية الطرازان الكلاسيكي والباروكي.
بدأ العرض الذي يحتفل بالعيد العاشر لحكاية “ألتا مودا”، مع أداء لأوبرا “كافالييرا روستيكانا” (أي الشهامة الريفية) للمؤلف الموسيقي “بييترو ماسكانيي”، وامتلأ صفّه الأول بشخصيات عالمية شهيرة مثل “ماريا كاري”، و”شارون ستون”، و”هيلين ميرين”، و”كريس جينر”، و”درو باريمور”، و”هايدي كلوم”، و”مونيكا بيلوتشي”، والليدي “كيتي سبنسر”. من الإطلالة الأولى، خطفت “دولتشي أند غابانا” أنفاس المدعوين بإطلالات تفيض فخامة وأنوثة، ونجحت في تحويل التقاليد التاريخية المحلية ورموزها ومعانيها إلى أزياء رائعة تتمنى كل عاشقات “ألتا مودا” الحصول عليها.
عبر اختيار صقلية لتقديم مجموعة “ألتا مودا” الجديدة، أعادتنا الدار إلى جذورها وإلى عنوان أول عرض “دولتشي أند غابانا ألتا مودا” على الإطلاق، لكن خيار صقلية انعكس أيضا على مجموعة أزياء كانت ملهمتها امرأة صقلية التي برز وشاحها الأسود التقليدي، وغطّى وجوه الكثير من العارضات. وهيمن اللون الأسود المغروس في جذور الدار على لوحة ألوان الإطلالات، إلى جانب اللون الذهبي المترف، كما تألق الأبيض النقي والأحمر الرومانسي والبرتقالي الزاهي والوردي السكّري، وحتى الأخضر الحمضي.
حرص المصممان “دومينيكو دولتشي” و”ستيفانو غابانا” على اختيار أجمل المواد والأنسجة من الحرير والمخمل وساتان دوشيس إلى التول والأورغانزا والتفتة، وزيّناها بحبات البلور والترترة واللؤلؤ والأحجار الملونة. استعانا بمعجمهما الإبداعي الذي صاغا حروفه على مدى العقود الأربعة الأخيرة، وقد برز منه طبعا اللون الأسود، وأشكال الوردة ملكة الأزهار، والعناصر الباروكية الإلهام، وجاذبية قصوى عززتها التأثيرات الشفافة المتقنة للشيفون والدانتيل والمواد شبه الشفافة الأخرى.
البراعة والحرفية: من خلال دقّة الخياطة وأعمال الزركشة والتطريز والتخريم والترصيع، عكست هذه المجموعة المصنوعة تماما في إيطاليا براعة الحرفية المحلية، التي تجلّت بأقوى صوت في فستان بقاعدة من التول مطرز يدويا مع شبك وأزهار وأطراف مدورة ولوالب وأوراق تعيد إحياء دانتيل صقلية الكلاسيكي، وفستان من التول المطرز باللوركس الذهبي والمخرمات البيضاء المعقدة، وكاب ضخم من قماش حريري وردي مزخرف بباقة من مئات الأزهار والأوراق المستوحاة من الأفاريز الحجرية التي نراها على الواجهات التقليدية في صقلية. وفي القسم الأخير من العرض، لفتت انتباهنا فساتين الشيفون والتفتة والجورجيت التي وُضعت فوقها معاطف الكاب الدراماتيكية الضخمة المصنوعة من التفتة والمستوحاة من عالم الأوبرا، كما في الإطلالة الأخيرة التي اجتمع فيها فستان أسود من الجورجيت والدانتيل بكاب أحمر ضخم وبوشاح أسود من التول الشفاف والمخرمات غطّى وجه العارضة.
مجموعة المجوهرات الراقية Alta Gioielleria الجديدة مستوحاة من أساطير وكنوز ضائعة منذ قرون
تألقت خلف تحف الأحجار الكريمة والمعادن النفيسة تقنيات حرفية يدوية قديمة مثل فن النقش الشمعي وتقنية السبك بالشمع الضائع والأعمال الفسيفسائية الدقيقة والمعقدة
لتقديم مجموعة المجوهرات الراقية “ألتا جويليريا” الجديدة المستوحاة من أساطير عن كنوز ضائعة منذ قرون، اختارت “دولتشي أند غابانا” كهف “غروتا دي كورداري” التاريخي في سرقوسة. في منتزه أثري يضم أيضا مسرحا إغريقيا عائدا إلى القرن الخامس قبل الميلاد، مقالع للحجر الجيري بدأت تُستعمل في القرن السادس قبل الميلاد، وكتب عنها قبل ذلك بقرنين المؤرخ الإغريقي الشهير “ثوقيديدس”. في كهف “غروتا دي كورداري” الضخم الذي تسند هيكله القنطري أعمدة شاهقة، مساحات فارغة متتالية نلاحظ فيها علامات استخراج الأحجار على الأسقف والجدران التي تتحاور في منظر رائع مع بيئة طبيعية متوسطية غنية بأزهار المغنوليا وشجيرات الدفلى وأشجار الزيتون والحمضيات والتين والسرو والسنديان الأخضر.
يستمد الكهف الجيري اسمه من الحرفيين الذين بدؤوا في القرن السابع عشر التردد إليه لصنع مختلف أنواع الحبال، بفضل عرضه الذي جعله مساحة مثالية لمد آلاف الألياف النباتية، وتحويلها إلى خيوط قبل نسجها ولفها معا. استمر هذا التقليد لثلاثة قرون حتى عام 1984، أما أهم المواد المستعملة لهذه الحرفة، فكانت ألياف القنب، وألياف جوز الهند، وألياف الأغاف الأمريكي. وفي صيف هذا العام، استقبل الكهف التاريخي الرائع الجمال تصاميم المجوهرات الراقية الفريدة التي نفّذتها أيدي أمهر الحرفيين المتخصصين، لتمثل أرقى تعبير عن الصناعة الحرفية التي تفتخر بها “دولتشي أند غابانا” وأنبل مثال على البراعة الإيطالية.
داخل علب عرض صنعها معمل “لوناتي” الإيطالي بمقاربة تندمج مع المحيط الطبيعي، وتحترم الكهف القديم، أنارت الأحجار الكريمة الصخور في الكهف، ولمع الذهب الأصفر والأبيض والوردي، وسطع اللؤلؤ الآتي من بحر الجنوب أو بولينيسيا إلى جانب قوس قزح من ألوان الأحجار الكريمة التي شملت الماس والياقوت والجمشت والترمالين والروبليت والغارنيت والبيريل وغيرها من الجواهر المتنوعة. ومن أبرز العناصر الزخرفية في عقود المجموعة وأساورها وأقراطها، كانت القطع المعدنية المنقوشة، والرسوم الغرافيكية، مثل القلوب والأزهار والورود والفواكه والفراشات. وتألقت خلف تحف الأحجار الكريمة والمعادن النفيسة تقنيات حرفية يدوية قديمة مثل فن النقش الشمعي، وتقنية السبك بالشمع الضائع والأعمال الفسيفسائية الدقيقة والمعقدة.
استضافتها بلدة “مارتساميمي” التي لعبت الحضارة العربية دورا كبيرا في تاريخها
مجموعة الأزياء الرجالية الراقية Alta Sartoria أنيقة وفاخرة وقوية وعالم من الحلم والفانتازيا
في هذه المجموعة، فسّر الثنائي المبدع “دومينيكو دولتشي” و”ستيفانو غابانا” رؤيتهما للرابط الوثيق الذي تحبكه أمواج البحر الأبيض المتوسط بين صقلية والعالم العربي
استقى المصممان إلهامهما من أسطورة محلية قديمة عن كهف “كالافارينا” الضخم الذي يقال إن أميرة عربية اختبأت فيه خلال حصار النورمان لجزيرة صقلية في القرن الحادي عشر وأحضرت معها كنوزا رائعة طمرتها وخبأتها فيه
على الطرف الجنوبي من جزيرة صقلية، مرفأ قديم وبلدة صغيرة ما زالت شوارعها ومبانيها التاريخية بمعظمها غير ملموسة. إنها بلدة “مارتساميمي” التي لعبت الحضارة العربية دورا كبيرا في تاريخها، والتي يقال إن أصل اسمها يعود إلى الكلمتين العربيتين “مرسى” و”الحمام” نسبة إلى طيور القمرية الموجودة فيها.
داخل هذه البلدة الجميلة، ضمن منطقة تاريخية معروفة بصيد أسماك التونة منذ القرن السابع عشر، قدّمت “دولتشي أند غابانا” مجموعة الأزياء الرجالية الراقية “ألتا سارتوريا” لموسم الخريف والشتاء على نور مئات التركيبات المضيئة التي أدخلتنا مع الأزياء الأنيقة والفاخرة والقوية إلى عالم من الحلم والفانتازيا.
في هذه المجموعة، فسّر الثنائي المبدع “دومينيكو دولتشي” و”ستيفانو غابانا” رؤيتهما للرابط الوثيق الذي تحبكه أمواج البحر الأبيض المتوسط بين صقلية والعالم العربي، واستقى المصممان إلهامهما من أسطورة محلية قديمة عن كهف “كالافارينا” الضخم الذي يقال إن أميرة عربية اختبأت فيه خلال حصار النورمان لجزيرة صقلية في القرن الحادي عشر، وأحضرت معها كنوزا رائعة طمرتها وخبأتها فيه. بدت تلك الكنوز الأسطورية المفقودة تنبثق وتخرج من مخبئها لترصع ملابس “ألتا سارتوريا” وإكسسواراتها بوفرة من الأحجار والقطع الذهبية، ولتعكس وهجها على التفاصيل البراقة والخيوط المعدنية.
حملتنا التصاميم والقصات بدورها إلى فترة الساراسينيين الذين كانوا شعبا عربيا أتى من شمال إفريقيا، وغزا جزيرة صقلية، وحكمها من منتصف القرن التاسع إلى أواخر القرن الحادي عشر، وترك حتى اليوم آثارا معمارية وقصصا وأساطير. ظهرت مثلا تصاميم الكورسيه الشبيهة بالدروع الواقية والمصنوعة من اللاميه والحرير مع خيوط ذهبية وحبات بلور، وبرزت الأقنعة والخوذ العسكرية الروح المرصعة بالأحجار أيضا. وتنوعت السراويل بين التصاميم الواسعة المصنوعة من أقمشة شبه شفافة، وبنطلونات الجينز الممزقة والمنمقة بزخرفات براقة. كما أعطى العرض دورا كبيرا للبذلات التي تألّق فيها الساتان اللافت أو البروكار الدمشقي المذهّب، ودورا نجوميا للأطقم المستوحاة من البيجامات والتي اجتمعت بسترات البليزر الفخمة المزخرفة بدقّة. برقي المخمل والحرير والساتان والأحجار والمعادن، أخبرتنا “دولتشي أند غابانا” قصصا عن حوض المتوسط الذي شكّل منذ قرون نقطة تبادل ثقافي غني.