عشرات الآلاف من الأجنة والأمهات الحوامل تحد التهديد في غـ.ـزة
عشرات الآلاف من الأجنة والأمهات الحوامل تحد التهديد في غـ.ـزة.. يتعرض قطاع غـ.ـزة لقصف مستمر ومكثف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي مما يتسبب في مقتل وإصابة الآلاف منذ السابع من أكتوبر الجاري عقب تنفيذ قوات كتائب القسام ضربة صاروخية وعملية اقتحام نتج عنها مئات القلى والمصابين من جيش الاحتلال. الأمر الذي ترتب عليه أزمة إنسانية غير مسبوقة بسبب الحصار المطبق ومنع إدخال الدواء والغذاء والمحروقات إلى القطاع.
وفي بيان صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان عبر موقعه الرسمي، أكد أن هناك ما يقدر بنحو 540 ألف امرأة في مرحلة الإنجاب في غـ.ـزة، بينهن 50 ألف امرأة حامل حاليا، و5522 منهن يُتوقع أن تضع مولودها في الشهر المقبل. ونحو 800 ألف من النساء الحوامل في الضفة الغربية، بما في ذلك 73 ألف امرأة حامل حاليا، و8127 من المتوقع أن يلدن في الشهر المقبل، سيواجهن خطرا متزايدا بسبب الانهيار الصحي.
ومما لا شك فيه أن هؤلاء النسوة يعانين من تحديات كبيرة في الوصول إلى خدمات الولادة الآمنة. خصوصا في ظل ضعف الخدمات الصحية والطبية، ونفاد مخزون الإمدادات المنقذة للحياة.
خطر القنابل الفسفورية
يضاف إلى ذلك أن ما تعاني منه النساء الحوامل في غـ.ـزة خطر جدا على صحتهن وصحة الأجنة في أرحامهن. حيث إن قصف القنابل الفسفورية يتسبب في تآكل الجلد، وبالتالي يعرض حياتهن للخطر ويزيد من فرص تعرض الحامل للوفاة. وفي حالة نجاتها يزيد فرص ولادة طفل مشوه.
وتؤكد المصادر الصحية والعلاجية الرسمية في القطاع أن هؤلاء النساء الحوامل لا يتناولن التغذية اللازمة لأي سيدة حامل. أيضا لا يتناولن السوائل بالقدر الكافي، وبالتالي تزداد فرص عدم قدرتهن علي الولادة. كما أن الجنين يأخذ ما يحتاجه من جسم الأم، وبالتالي في حالة عدم تناولها للطعام فهذا يزيد من تعرضها للوفاة بسبب نقص العناصر الغذائية بجسمها.
يضاف إلى ذلك أن الأطقم الطبية في غـ.ـزة تهتم بالجرحى والمصابين جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي. ولا يوجد وسائل طبية للاهتمام بالحامل، حيث لا يوجد معدات طبية.
كما إنه فى هذه الأجواء فإن الحامل لا تستطيع إجراء السونار للاطمئنان علي الجنين، والشيء الوحيد الذي يساعدها هو حركة الجنين التى يجب ألا تقل عن 10 حركات في اليوم.
ومع استمرار القصف الإسرائيلي، تشعر السيدات الحوامل بالقلق على أجنتهن، ويضطررن لمغادرة منزلهن في الأحياء شمال قطاع غـ.ـزة إلى مناطق أكثر أمنا في الجنوب والغرب. حيث لا تتوفر أي تغذية ويضطر الشخص الواحد للاكتفاء بنصف رغيف خبز وكوب ماء كل 24 ساعة.
كابوس مزدوج
وتشير تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن نحو 50 ألف امرأة حامل في غـ.ـزة، من المتوقع أن تلد 10% منهن خلال الشهر المقبل. وقال دومينيك ألين، ممثل صندوق الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية إن هؤلاء النساء يواجهن “كابوسًا مزدوجًا” بعد “أسبوع مروع” من الغارات الجوية الإسرائيلية.
وقد واجه سكان غـ.ـزة غارات جوية إسرائيلية في عدة جولات من الصراع خلال السنوات القليلة الماضية. لكن الأمر مختلف هذه المرة. حيث تعهدت قوات الاحتلال الإسرائيلي “بالانتقام القوي” من أهالي غـ.ـزة بعد أن شن مقاتلو حماس الذين يسيطرون على المنطقة هجوما في 7 أكتوبر/تشرين أول أسفر عن مقتل 1400 ضابط ومجند في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وكانت إسرائيل قد أسقطت في الفترة ما بين 7 و20 أكتوبر/تشرين أول 15000 قنبلة على القطاع. وهو ما يعادل ضعف العدد للقنابل التي أُسقطت في إجمالي للغارات الجوية على غـ.ـزة خلال كامل الصراع عام 2014، والذي استمر 50 يومًا. ويبدو الآن أن إسرائيل تستعد لعملية برية في القطاع.
كما فرضت إسرائيل ما تسميه “حصارا كاملا” على المنطقة، ومنعت إمدادات المياه والكهرباء والسلع والوقود. وقصفت معبر رفح مع جمهورية مصر العربية لمنع الهلال الأحمر المصري وبنك الطعام المصري ووزارة الصحة المصرية من إيصال المساعدات لأهالي غـ.ـزة المحاصرين والمنكوبين. وقد أدانت منظمات حقوق الإنسان هذه الخطوة ووصفتها بأنها “عقاب جماعي” و”جريمة حرب”. ويقول سكان محليون إن خان يونس لا تزال مستهدفة بالضربات الإسرائيلية.
إخلاء قسري
أيضا استجاب العديد من سكان غـ.ـزة لدعوة جيش الاحتلال الإسرائيلي للإخلاء من شمال غـ.ـزة. حيث شق مئات الآلاف طريقهم جنوبا. لكن التنقل لم يكن سهلاً على الجميع، بما في ذلك المرضى وكبار السن والحوامل.
وقد أعرب البعض عن قلقهم بشأن سلامة طرق الهروب. حيث تقوم طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف قوافل النازحين يوميا، كما تستهدف المشافي ومراكز الإيواء.
وتشعر كل الأمهات الحوامل بالقلق من أن المستشفيات في خان يونس جنوب قطاع غـ.ـزة لن تكون مجهزة لعلاجهن إذا دخلن في المخاض نظراً للعدد الهائل من الأشخاص الذين يأتون إلى المدينة. وكان عدد سكان خان يونس يزيد قليلا عن 400 ألف نسمة قبل الحرب. ونظرًا لقرب المدينة من الحدود المصرية، فهي الوجهة المفضلة للعديد من الفارين من الشمال. وقد أصبحت تضم اليوم أكثر من مليون مواطن فلسطيني.
وسبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي من أن النظام الصحي في قطاع غـ.ـزة بأكمله قد وصل إلى نقطة الانهيار. مضيفة أن التأثير سيكون مدمرًا على المرضى الأكثر ضعفًا. بمن فيهم الجرحى الذين يحتاجون إلى جراحة لإنقاذ حياتهم، والمرضى في وحدات العناية المركزة، والأطفال حديثي الولادة الذين سيحتاجون إلى الرعاية في الحاضنات.
قصص مروعة
وقال ألين من صندوق الأمم المتحدة للسكان إن النساء الحوامل في غـ.ـزة “يواجهن تحديات لا يمكن تصورها”. وأضاف قائلًا إن القصص التي سمعها من غـ.ـزة “مروعة”.
كما أضاف ألين: “تخيل المرور بهذه الحالة في تلك المراحل النهائية والأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل قبل الولادة، مع حدوث مضاعفات محتملة، دون ملابس، دون نظافة ودعم، غير متأكدين مما سيجلبه اليوم التالي والساعة التالية والدقيقة التالية لنفسهم ولطفلهم الذي لم يولد بعد”.
هذا وقد حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن الوضع الإنساني في غـ.ـزة يصل إلى مستويات كارثية. حيث حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الشرق الأوسط “على حافة الهاوية”.
كما أكد المكتب الإعلامي للسلطة الفلسطينية أن غـ.ـزة “على شفا مجاعة حقيقية مع نفاد البضائع في المتاجر وعدم وصول المساعدات”. مضيفًا أن أكثر من نصف مليون شخص قد نزحوا من القطاع.
وتطالب جماعات الإغاثة والأمم المتحدة بوصول المساعدات إلى غـ.ـزة، التي وصل بعضها إلى شمال سيناء في مصر. لكن لم يعبر بعد إلى غـ.ـزة عبر معبر رفح الذي تسيطر عليه مصر.