عدنان الكاتب يحاور أول لبنانية وعربية تصل قمة أعلى بركان ناشط
يوما بعد يوم تثبت المرأة العربية للعالم أنها أهل للتحدي بالعزيمة والإصرار على قهر الصعاب .. وأمثلة ذلك كثيرة، من أبرزها الشابة اللبنانية تيما دريان أول لبنانية وعربية تصل إلى قمة ” أوخوس دلسالادو “، أعلى بركان ناشط. تمارس ديما رياضة تسلق الجبال منذ أكثر من 3 سنوات، وعلى الرغم من صعوبة هذه الريا ضة وخطورتها ا ستطاعت تسلق 16 جبلا 4 منها هي من القمم السبع العليا في العالم.
حوار: عدنان الكاتب Adnan Al Kateb
ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها من خلال رياضة تسلق الجبال؟
أردت أن أثبت للعالم أن المرأة العربية قادرة على تحدي المستحيل، وأنها قادرة على التقدم والتميز في شتى المجالات، وقدرتها على الوصول لأعلى المناصب، وأن أهميتها لا تقل عن أي امرأة من جنسية أخرى. ولأنني فتاة عربية احترفت هذه الرياضة مع وجود عدد قليل جدا من السيدات العربيات المتسلقات للجبال. وعلى الرغم من دهشة واستغراب الكثير من المتسلقين الأجانب، فقد أخذت على عاتقي أن أكون نموذجا للمرأة العربية القادرة على تحقيق المستحيل، وإثبات قدرتها على التحدي وممارسة أي رياضة حول العالم.
ما الذي يجذبك إلى رياضة تسلق الجبال الخطرة؟
منذ صغري أحب الطبيعة والرياضات الصعبة التي تتخللها تحديات للجسم والعقل، لأنها تقوي شخصيتي وثقتي بنفسي، وتؤثر إيجابا في حياتي الاجتماعية والعملية، وعلى الرغم من أن رياضة تسلق الجبال تعد من الرياضات الصعبة والخطرة، ولا سيما بالنسبة للمرأة، فقد أحببت تسلق الجبال الشاهقة للاستمتاع بالطبيعة، وتحدي الصعوبات الجسدية والعقلية.
ما أبرز التحديات التي واجهتك في بداياتك؟
في البداية تمثلت التحديات في قلة خبرتي في استخدام المعدات وجلب الملابس الخاصة، وكذلك المحافظة على النظافة الشخصية )عدم وجود حمامات(، إضافة إلى التغير المفاجئ للمناخ من العواصف وانخفاض درجة الحرارة ونقص الأوكسجين، وهو ما يؤدي إلى تأجيل الوصول إلى القمة والعودة إلى المخيم، وتكرار المحاولة في اليوم التالي.
هذه الرياضة تتطلب الكثير من السفر والتنقل بين مختلف الدول والقارات، هل هناك جهة تدعمك ماديا؟
لا، بل أعتمد في ذلك على نفسي، فأنا أعمل بعدما تخرجي في الجامعة قبل نحو 4 سنوات، وحتى الآن لا يوجد أي داعم لي، ولكن إن توفر ذلك فأسكون ممتنة له.
ما كان شعورك في تجربتك الأولى بعد وصولك إلى أول قمة جبل؟
في أول تجربة لي وفي كل رحلة وفور وصولي إلى قمة جبل فوق السحاب ورؤية تقوس الكرة الأرضية وصفاء السماء، أنسى كل التعب والإرهاق والمعاناة بسبب قلة الأوكسجين، فأمجّد الخالق وأحمده، وأشعر بالرضا التام والسلام الداخلي، وتزداد ثقتي بنفسي، وأشعر بأنني قادرة على تحقيق النجاح في أي مجال، وأنه لا مستحيل مع الإصرار والعزيمة.
كيف بدأت مع الفريق؟ ما الصفات المشتركه بينكم؟
في كل رحلة يكون هنالك مجموعة من المتسلقين من جميع أنحاء العالم، وهو ما يجعلني أكوِّن صداقات مختلفة، وأتعرف أكثر إلى طبيعة مجتمعات أخرى، ويجمعنا في ذلك حب الطبيعة ومواجهة التحديات، وأهمها أننا ننسى كل شيء، ونركز فقط على الاهتمام وحماية بعضنا البعض، هكذا يكون الأهل والأصحاب.
ما أهم التدريبات التي تمارسينها قبل تسلق الجبال؟
هنالك الكثير من الرياضات اليومية للتمتع باللياقة البدنية والصحية المطلوبة، ولكن الأهم لي هو تسلق أعالي الجبال المحيطة في الإمارات وعمان ولبنان، للمحافظة على قدرة التنفس، وتعويد الجسم على قلة الأكسجين، وتدريب القدرة الذهنية على الإصرار والتصميم للوصول للقمة في كل الأحوال الطبيعية.
باعتبارك أول لبنانية تسلقت أعلى قمة بركان ناشط )أوخوس دل سالادو(، أخبرينا عن شعورك، وكيف استعددتِ لهذه المهمة؟
بداية لم أكن أعلم أني أول امرأة عربية تسلقت أعلى قمة بركان ناشط، أما بالنسبة لشعوري، فهو الفخر والاعتزاز عندما أصل
إلى أي قمة من قمم الجبال التي تسلقتها، وبالتأكيد أحسست بالسعادة أكثر عندما علمت أنني أول امرأة عربية تصل إلى هذه القمة، ويتملكني شعور بالإصرار على الوصول إلى ما هو أبعد من ذلك إن شاء الله.
ما دور عائلتك في دعم مسيرتك الرياضية؟
أشعر بالفخر الكبير بعائلتي التي لها دور عظيم في وصولي إلى جميع تلك القمم في أنحاء العالم، فلولا دعمهم الكبير
وتشجيعهم لي لما استطعت الوصول إلى 16 قمة جبل حتى الوقت الحالي. أما والدي، فهو مثل أي أبٍ عربي، في البداية واجهت صعوبة تقبله رياضة تسلق الجبال، لما فيها من مخاطر وتحديات، لكنه ساندني ودعمني بقوة وأعطاني دفعة كبيرة لتحقيق ذاتي وطموحي في تسلق الجبال. في حين كانت والدتي الداعم الأكبر لي، وهي التي تمنحني القوة والعزيمة للاستمرار في تحقيق ذاتي، فمن دونها لم أكن لأصل إلى أي مكان، ومنها تعلمت أن المرأة قادرة على تحقيق المستحيل.
أي تجربة تسلق استهوتك أكثر من غيرها؟
أكثر تجربة استهوتني كانت تسلق جبل Denali ، وهو أعلى جبل في أمريكا الشمالية، وكانت مدة تسلق الجبل عشرين يوما في درجات حرارة تقل عن 30 درجة مئوية، إضافة إلى التحديات الجسدية، إذ كنت أحمل نحو 60 كيلوغراما، 30 منها على الظهر، و 30 أسحبها من الخلف، وهي جميع المعدات والأدوات الخاصة بالتسلق والطعام والشراب. إضافة إلى الخبرة التقنية المطلوبة لتسلق هذا الجبل.
أخيرا بِمَ تنصحين المرأة، وخاصة المرأة العربية؟
أنصح كل فتاة، ولا سيما الفتيات العربيات، بخوض المغامرات، كل حسب قدرتها، وما يستهويها من الرياضات من وقت لآخر، فهي قادرة على تحقيق المستحيل بالإيمان والثقة بالنفس ووجود العزيمة والإصرار .. “أنت قوية رائدة ومتميزة في أي مجال تختارينه”.