جوناثان ويليام أندرسون لعدنان الكاتب الملك هنري الثامن مصدر إلهامي
برشلونة ـ “عدنان الكاتب” Adnan Alkateb
بعد سنة ونصف من لقائنا الأول في لندن، التقيت بـ “جوناثان ويليام أندرسون” Jonathan William Anderson المدير الإبداعي لدار “لويفي” في مدينة برشلونة الإسبانية، ولمست أنه لا يزال يؤمن بمبادئه ومفاهيمه ويدافع عنها، فيقود الدار الإسبانية العريقة إلى منحى عصري بمصادر إلهام غريبة.
أندرسون الذي ولد في أيرلندا الشمالية سنة 1984 وتخصص في كلية لندن للأزياء، ولاقى نجاحا كبيرا، ويصفه خبراء الموضة حول العالم بالـ “نيزكي”. ويوفق هذا المصمم الشاب بين الإشراف الإبداعي على “لويفي” بمجموعاتها النسائية والرجالية وبين علامته الخاصة J.W. Anderson. وسافر بنا أندرسون في هذا الحوار إلى طفولته في أيرلندا الشمالية، وعشقه لعالم الموضة، وهوايته في جمع القطع الفنية وحرصه على صون الحرفية.
هل لديك ذكريات مع الأزياء تعود إلى طفولتك في أيرلندا؟
ترعرعت في بلدة صغيرة، وكنت أرافق والدتي خلال رحلات التسوق إلى المتاجر الكبيرة. كنا نذهب ونشتري الملابس المخفضة الأسعار. وكنت أعشق تنسيق الملابس في خزانتي إلى درجة أنني نزعت منها الرفوف.
من المرأة التي تصمم لها؟
كل مجموعة موسمية هي حلم يدور حول شخصية أتخيلها. في كل موسم، أتخيل بيئتها ونمط عيشها وما يغريها وما يشجعها، فتجتمع كل هذه العناصر في شخصية خيالية. الحلم يصير حقيقة حين تشتري امرأة القطعة التي أصممها.
كيف تنجح في التوفيق بين تصميم كل هذه المجموعات؟
أثق بقدرتي على اتخاذ القرارات وعلى الرفض والقبول. أنا صريح وواضح، لطالما كنت كذلك. ليس لدي خيار آخر مع كل هذه المسؤوليات. أريد إنجاز المهام. أحكم على نفسي دائما، لكن لا تربكني إلا اللحظة التي لا أٌقدم فيها شيئا. الموضة تساعدني على تجاوز الملل. لكن طبعا أعمل مع فريق خبير وشغوف.
ماذا عن مجموعة ربيع وصيف 2017؟ ما القصة وراءها؟
مصدر إلهامي في هذه المجموعة الملك هنري الثامن والأزياء الرجالية الفاخرة وأحجامها المبالغ فيها في القرن الخامس عشر. تلاعبت بكل هذه الأفكار وقلبت المقاييس.
معروف عنك أنك تهوى جمع الأعمال الفنية والحرفية العائدة إلى القرن العشرين. أخبرنا أكثر عن هواية الجمع.
لست مهتما بالقطع الفردية، بل بجمعها المنهجي. لطالما استهوتني الأشياء وتركيبها، وكأنني مخرج يخرج أشياء. أول ما جمعته كان حيوانات خزفية صغيرة. جمعت المئات منها، ولا تزال موجودة اليوم في منزل والدتي في أيرلندا الشمالية.
تسلط الضوء دائما على إرث “لويفي” الحرفي وتشدد على رغبتك في تعزيزه من خلال تعاونات مع فنانين وحرفيين. ما الدور الذي تلعبه جائزة الحرفية Loewe Craft Prize؟
لطالما جمعت بين “لويفي” والفنون علاقة قوية منذ أن كان الحرفيون في مدريد يبتكرون قطعا جلدية أنيقة فاخرة في المشغل الصغير خلال منتصف القرن التاسع عشر. فيما نتجه نحو عالم رقمي، أردنا أكثر فأكثر أن نتصل بالأشياء المصنوعة يدويا. “لويفي” دار تاريخية، ومن المهم أن نؤدي نشاطا يدعم الحرف التي تموت أنواع كثيرة منها. أطلقت مؤسسة “لويفي” هذه الجائزة بهدف الاحتفال بالجديد والممتاز والجدير في عالم الحرف العصرية. الحرف جوهر “لويفي”، وأعتقد أنه من واجب الماركات دعمها ورعايتها قبل أن تبدأ بالاختفاء.
الكثير من المبتكرين يعيدون ترجمة أفكار سابقة. أين هو الإبداع اليوم؟
على الموضة أن تنظر إلى الثقافة حولها وأن تكون وسيلة لتحديد المسار الآتي. المبتكر يحاول إيجاد الناقص. يمكن الاستفادة اليوم من وسائل التواصل الاجتماعي، فتدرك من خلالها ما الأمور التي مللت منها وماذا ينقص.
ما المدى الذي ترغب في الوصول إليه؟
أسعى، وآمل، أن أتمكن من تحويل دار “لويفي” بنجاح إلى علامة تجارية ثقافية. إسبانيا هي مكان يزخر بالحضارة والثقافة والحرفيين البارعين، وعلينا أن ندخل كل هذه العناصر ضمن سياق العصر الذي نعيشه، وأن نركز على المعاني التي تبرز جذورنا العريقة وأسلوبنا الكلاسيكي.
تركت لمستك على كل شيء في دار LOEWE، وتابعت التصاميم الجديدة وتغيير الشعار وتصميم الأثاث، والآن تبتكر عطرا. هل تعتقد أنك مصمم يتمتع بمنظور متكامل؟
يجب أن تكون لديك نظرة شاملة .. إن لم تكن مصمما يتمتع بمنظور متكامل، فمن الأفضل لك ألا تضطلع بهذه المهمة. يبدأ كل ما أبتكره بفكرة الحرفية العصرية. إن فكرة الابتكار باستخدام يديك، أو باستخدام عقلك، هي أمر رائع ومدهش. بدأت بالأمور الملموسة التي أتعلق بها، ومن ثم حاولت أن أجسدها بشكل ملموس.
يقال إن عطر Loewe 001 كان مشروعا شخصيا ومتوقعا لك، لماذا؟
إنه أمر لم أفعله من قبل. لو كنا نتحدث عن الحقائب، كنت سأجيبك بأنني أعمل على تصميمها من غير توقف. لكن هذا المشروع جديد تماما. بدأنا قبل سنة ونصف، وانغمسنا في المشروع منذ البدايات، وعشنا كل مرحلة بكل ما فيها. عملنا على كل تفصيل من أجل ابتكار شيء حقيقي، ليس فيه أي تصنع. كان هدفنا ابتكار تعبير طبيعي عما تجسده علامتنا التجارية في الوقت الحالي. خبرتي الوحيدة مع العطور كانت في استخدامها. لذلك، كنت واثقا من أنني أريد شيئا سأرغب في استخدامه. أردت أن أبتكر شيئا شخصيا، فريدا.
تدافع دائما في ابتكاراتك عن رؤيتك التي تموه الحدود بين الأنوثة والرجولة. على الرغم من ذلك، فضلت ابتكار عطرين: واحدا للمرأة وآخر للرجل ..
(يضحك) ويقول نعم بكل تأكيد .. في البداية، فكرت في شيء مناسب للجنسين، لكنني فعليا لا أؤمن بهذا النوع من العطور. لذلك عملت على ابتكار عطرين بلمسات متشابهة ومختلفة في الوقت نفسه، لتتمكن المرأة من استخدام العطر الرجالي، والعكس صحيح. الخيارات لا تنتهي. من الممكن أن يصبح العطران مشتركين بين الزوجين، ويمكن لشخص واحد أن يضعهما في الوقت نفسه.
لماذا اخترت صور كارل بلوسفيلدت؟
تعتمد دار LOEWE على ثلاث ركائز: الماضي والحاضر والمستقبل. عندما بدأت العمل في الدار، تعاونّا مع ستفين ميتسل من أجل ابتكار سياق معاصر لعدد من صوره التي التقطها منذ عام 1997، واستخدمناها لتعزيز اسم LOEWE في المستقبل. أما في هذه الحالة، فرغبت في شيء يظهر التناقض بين الأبيض والأسود بشكل أوضح، مثل صور بلوسفيلدت التي تعتبر من أجمل الصور التي التقطت في بدايات عصر التصوير. إنني أنظر إلى هذه الصور، وأرغب في التعرف إلى رائحتها.