روزا لادرو تروي قصة الدار الإيطالية العريقة لمحاور المشاهير عدنان الكاتب
إيطاليا: عدنان الكاتب Adnan Alkateb
لعبت “روزا لادرو”Rosa Lladró دورا بارزا في الحفاظ على إرث دار “لادرو” Lladróالعريقة، مقتدية بما فعله والدها “خوان لادرو” Juan Lladró، الشقيق الأكبر للإخوة الذين التيأسسوا هذه الدار التي تحمل اسم عائلتهم،وصممت بنفسها مجموعة من أجمل القطع النادرة، كما أشرفت بنفسها على معظم المبادرات والعمليات الإبداعية منذ تعيينها عضوة في مجلس إدارة الشركة في عام 1980، ومن ثم رئيسة لها منذ العام 2003.
أخبرينا بداية عن تاريخ “لادرو” وعلاقتك الخاصة مع فن صناعة البورسيلين؟
فن صناعة البورسيلين بمنزلة حياتي. لقد كنت منخرطة فيه منذ نعومة أظفاري. لا توجد صناعة بورسيلين كبيرة بالشروط نفسها التي نتبعها. أعني أنه ما زال عددٌ من المصانع موجودا لإنتاج أواني البورسيلين الصينية، لكن لا أحد في العالم يصنع منحوتات من البورسيلين بطريقة “لادرو” نفسها.
تأسست “لادرو” سنة 1953 على يدي والدي، خوان لادرو، وأعمامي خوسيه وفينسنتي. كانوا حينها عمّالا بدوام جزئي وطلابا، وقرروا أن يبتكروا قطعهم الخاصة في منزلهم بـ”ألماسيرا” Almàssera، البلدة الصغيرة على أطراف فالنسيا في إسبانيا. حيث أسسوا أول ورشة عمل لهم.
وبدأت العلامة التجارية بالتوسع عالميا في حقبة الستينيات. وبعد أن أذهلت الجمهور الأمريكي، واصلت الشركة الدخول إلى أسواق جديدة في أوروبا. ومهّد النجاح الخاص لابتكارات “لادرو” ضمن الثقافة الإنغلو-ساكسونية الطريق أمام إبداعاتها إلى دول بعيدة جدا مثل أستراليا ونيوزيلندا، وفي بداية الثمانينات بدأناندخل إلى الأسواق اليابانية، إضافة إلى انطلاقنا في أسواق الشرق الأوسط.
كيف نجحت في الحفاظ على قيم العائلة التي أرساها والدك وعَمّاكِ؟
نحافظ على جوهرنا ورسالتنا وطريقة عملنا اليدوية في صنع كل قطعة، ونعطيها كل الوقت والعناية المطلوبين لكن بلغة معاصرة، وعلى عكس العلامات التجارية الأخرى، تجمع رؤيتنا الخاصة في الفن توازنا مثاليا بين الجمال والأحاسيس والرمزية. ونقدم منتجا متميزا بمعايير فريدة للجودةومصنوعا 100 في المئة في إسبانياوأوروبا، وهو أمر لا يدافع عنه أحد تقريبا في هذه الأيام.
ما شعورك عند رؤية تصاميمك في واجهات المتاجر؟
نوع القطع التي نصنعها والرسالة التي تنقلها ابتكاراتنا تترك انطباعا مذهلاوغير محدود على الإطلاق. وهذا ما ما نلمسه من الأشخاص حول العالم الذين يشعرون بالسعادة عندما يرون قطعة خاصة بالأمومة، وبالبهجة عندما يزيّنون بيوتهم بواحد من آخِر اقتراحاتنا مثل مجموعة “ذا غيست” the guest، وبأحلى الأحاسيس عندما يكون لديهم مصباح رائع الجمال لتزيين غرفة الجلوس أو غرفة النوم، وأنا أيضا أشعر بهذه السعادة، هذه البهجة وهذه الأحاسيس الحلوة.
أخبرينا عن بعض الأشياء التي قد لا يعرفها معظم الناس عن العلامة التجارية؟
حسنا،سيختلف الأمر حسب القارئ، لكن ربما على الرغم من الاعتراف العالمي بنا، لسنا علامة تجارية قديمة جدا. لقد أبصرت “لادرو” النور في سنة 1953.
ونملك مصنعا واحدا في فالنسيا في إسبانيا، حيث نصنع كل القطع التي نوزّعها في أكثر من 120 دولة.
ومصنعنا مفتوح للجمهور، وكل من يزور فالنسيا يمكنه أن يأتي لزيارتنا واكتشاف الطريقة التي تُصنع بها قطعنا.
كيف تصفين ما تستطيع العلامة التجارية أن تقدمه للزبائن؟
في “لادرو”، نستمع دائما إلى زبائننا، نراقب الثقافات المختلفة للدول التي لدينا حضور فيها (أكثر من 100 حول العالم) ونتعلم منها.نعتقد أن الزبائن يبحثون عن ابتكارات تكون جزءا من حياتهم، ومن عالمهم الشخصي الذي يحددهم. وابتكارات “لادرو” تحاكي أذواقهم، ذكرياتهم وأحلامهم في لغة فريدة من البورسيلين.
ما التحديات التي واجهتها لغاية الآن؟
“لادرو” علامة تجارية دائمة النمو والابتكار. كان مؤسسو الدار في غاية الشجاعة وفي غاية الجرأة بكل ما للكلمة من معنى، كما كانوا في غاية الصدق أيضا. أعتقد أن عدم الخوف الذي تحلّوا به كان بكل تأكيد أساسي، كذلك كان الابتكار الذي أضافوه إلى التصاميم، عمليات التصنيع، التصدير والعلاقة الرائعة مع العاملين لديهم. إلى اليوم لا يزال هذا الأمر أساسيا في فلسفتنا في العمل،ويخضع دائما لمراقبتنا.
ما قطعك المفضلة لديك وخصوصا من تلك التي ولدت من خلال تعاونكم مع مصممين عالميين؟
أحب كل قطع “لادرو” في المجموعات التي وُلِدت من تعاوننا مع فنانين مشهورين من مختلف أنحاء الأرض. ومن المستحيل أن أختار قطعة واحدة فقط،فمجموعات “ري-سيكلوس” Re-Cyclos من “كولديساك”CuldeSac، “بودو سبيرلين”Bodo Sperlein، “كوميتي”Committee أو “ذا غيستس” The Guests التي صُنعت مع فنانين مشهورين مثل “خايمي هايون”، “بول سميث”، “ديفيلروبوتس”، “تيم بيسكوب”، “غاري بايسمان”،كلها غنية وجذابة للبيوت العصرية.
كيف تحافظين على التوازن بين قطع “لادرو” التقليدية والقطع العصريّة؟
بالنسبة إلي تعيش جميع التصاميم مع بعضها، نواصل العمل على المواضيع التقليدية نفسها، مثل الطفولة، الصداقة، الحب، لكننا أيضا نتعمق في القطع التي ترتبط بثقافات تقليدية أخرى. كل هذا نجمعه ببورسيلين عمليّ، مثل المرايا، المزهريات، أدوات للإضاءة والمجموعة المولودة في ورشة عمل “لادرو”، المساحة التي تحتضن إبداع المصممين العاملين لدينا والتعاون مع فنانين مشهورين.
تشتهر داركم بامتلاكها قطعة لكل إحساس. باعتقادك، لماذا العناية بكل واحد من الأحاسيس أمر مهم عند “لادرو”؟
الناس يحبون أن يكونوا محاطين بالأشياء التي تحكي عن قيمهم. يبحث محبو”لادرو” دائما عن قيم عالمية مثل الأمومة، الحب، الطبيعة.وتمثل قطعنا مشاعر وأحاسيس إنسانية، حتى إن قطعنا الأكثر عصرية ترتكز على لغة عاطفية جدا، والجوهر الإنساني هو عالمي.
كما تمتاز إبداعات “لادرو” بأنها قطع تزيينية وعملية تعطي مشاعر وأحاسيس رائعة لحياتهم. كما يمكن للضيوف المميزين أن يقيموا ويعيشوا معنا، ويضعوا لمسة شخصية على مساحاتنا المفضّلة.
ما رأيك في ثقافة منطقة الشرق الأوسط؟
الشرق الأوسط منطقة مذهلة ومصدر مهم للإلهام للنحّاتين العاملين لدينا، الذين أعطوا الحياة لقطع عالية الأهمية بالنسبة لنا مثل “ملكة النيل” The Queen of the Nile، وهي ابتكار خيالي يرتكز على الثقافة المصرية الباهرة، أوالحصان من نوع الخيول العربية الأصيلة.
ما أفضل نصيحة تلقيتها على الإطلاق؟
أن أكون إيجابية هو أمر مهم جدا، كذلك أن لا نرفضصناعة أشياء لأننا نعتقد أنها تبدو صغيرة،فكل تفصيل مهم،وكل حركة صغيرة مهمة أيضا.
صممت الكثير من القطع للمشاهير، هل كان هناك من طلبات مبالغ بها لأحد هؤلاء المشاهير؟
على الرغم من أننا صممنا قطعا خاصة للمشاهير، كانت دائما “لادرو”، ولا تزال، هديّة قيّمة للأشخاص البارزين حول العالم.
في الشرق الأوسط تُعدالأحصنة من الحيوانات الغالية جدا. ما الذي دفع بفريق عمل “لادرو” إلى تصميم تشكيلة كاملة من منحوتات الخيول؟
بدأ النحّاتون في “لادرو”في صُنع الخيول عام 1970. ومنذ ذلك التاريخ كان هدفنا تمثيل القيم التي تمثلها هذه الخيول في البورسيلين، أعني الجمال، الرشاقة، القوة والحرية. إضافة إلى ذلك، تضمن فريق النحاتين في “لادرو” أحد العشّاق الحقيقيين للخيول، وهو”إرنست ماسويت”Ernest Massuet. وبفضل معرفته العميقة في التركيبة البنيوية والجماليات الأخرى المتعلقة بالجياد، وصل ماسويت إلى مستويات مذهلة من الواقعية في تنفيذ هذه القطع وبجدارة فنيّة لا متناهية. في النهاية، لا يستطيع أن يجسد هذه المخلوقات بمثل هذا الصدق وهذه الدقة إلاّ من يتمتع بشغف عميقوكبير في البورسيلين والخيول.
ما المدة المطلوبة لصنع قطعة على شكل حصان؟
يعتمد الأمر على مدى تعقيد القطعة. تتطلب قطع البورسيلين الراقية من الحصان العربي الأصيل ساعات كثيرة لنحتها وطلائها. من الرسمات الأولية إلى خبزها في الفرن، يجري تنفيذ كل مرحلة على يدي فنان خبير وتحت إشراف عائلة “لادرو”.
برأيك لماذا الخيول ملهمة جدا للكثير من الفنانين؟
لأنها رائعة الجمال وتشكّل نسيجا مثاليا لنشر وإبراز كامل قدرات النحت والتزيين لدى الفنانين في ابتكارات يمكنها أن تعدو، تقفز، أو الوقوف بصورة مهيبة.فكرة الحصان العربي الأصيل جاءت من “إرنست ماسويت”Ernest Massuet، فهو بشكل خاص شديد الحرص على هذه الفصيلة الأصيلة. أعتقَد أنه قد يكون مثيرا للاهتمام محاولة تجسيد جمالها المميز في البورسيلين.
ما التفصيل الأصعب في نحت حصان؟
من الناحية التقنية يدعم الحصان أربع أقدام، إن الأمر الأشد صعوبة هو الحفاظ على النسب الصحيحة في قطعة من هذا النوع عند خبزها في الفرن.فخلال عملية خبزها، تتعرض جميع قطع “لادرو” إلى تقلّص حجمها بنسبة 15في المئة تقريبا، بسبب خسارتهاللماء. ويشكّل النجاح في الحفاظ على توازن القطعة تحديا كبيرا. إضافة إلى ذلك، تصل كثافة عظام سيقان الحصان العربي الأصيل إلى ضعف تلك الموجودة لدى خيول أخرى، ما يفسر سبب نحافتها العالية. وهو ما يجعل العملية أكثر صعوبة. كما أن ترجمة هذه الميزة في البورسيلين تتطلب تعقيدا هائلا.
إلامَ يرمز الحصان بالنسبة إليك؟
الجمال، الرشاقة، القوة والحرية، الأناقة، التوازن، الحساسية البالغة، جميع هذه المزايا تمثلها الخيول. من الشخصية الطبيعية للجياد البريّة إلى الأصيلة، تطلق أحصنة “لادرو” تحية تقدير إلى مخلوقات حرّة مثل الإبداع، ونبيلة مثل البورسيلين.
باعتقادك، من أين ينبع شغف زبائن “لادرو” بالخيول؟
بسبب الدرجة العالية من الواقعية التي تمثلها خيولنا. أعيد إنتاج وجوهها، عضلاتها، حساسيتها البالغة بدقة عالية إضافة إلى تفاصيل خيولنا التي تبدو كأنها طبيعية. إضافة إلى ذلك، تسمح المجموعة الواسعة من التقنيات المستخدمة في التزيين لفنانينا الخبراء والمحترفين بإعادة ابتكار الطبقات المختلفة والزينة للسروج، والبطانيات وبقيةالصفات.
ما الذي تخطط له”لادرو” من توسعات وتعاونات؟ وما طموحاتك الشخصية للدار؟
في المستقبل نتطلّع إلى افتتاح متاجر جديدة أحادية العلامة التجارية خارج دولة الإمارات.
فبداياتنا في الشرق الأوسط تعود إلى أواخر الثمانينات، ولا يزال الطلب يشهد نموا تدريجيا، خصوصا منذ أن افتتحنا أول متجر لنا أحادي العلامة التجارية في “دبي مول” قبل أربع سنوات. لدينا استجابة جيّدة جدا إلى قطعنا من البورسيلين الراقي وإلى مجموعاتنا من الخيول.
وجوهر عملنا هو العمل على البورسيلين كما كان يُصنَع منذ 200 سنة، والقدرة على تقديمه في جميع أشكاله الممكنة من منحوتات أو قطع للتزيين، أو مرايا، أو مصابيح، أو عطور منزلية، وإعداده على أيدي الفنانين العاملين لدينا أو بالتعاون مع مصممين خارجيين. هدفنا دائما الارتقاء بمنتجاتنا، وجعلها أكثر جاذبية في نظر زبائننا. في الواقع يرتكز نجاح علامتنا التجارية على الإبداع، لكن أيضا على تقديم “شيء آخر” نبحث عنه دائما.
وشخصيا أتطلع إلى الارتقاء والتوسع في المعرفة حول علامتنا التجارية، وعندما يفكر أحد ما في البورسيلين عليه أن يفكر بـ “لادرو”.