المرأة العصرية والراقية

عدنان الكاتب يحاور مينا شيرزوي الرائدة في دعم المرأة

حوار: عدنان الكاتب Adnan Alkateb

تعمل “مينا شيرزوي” Mina Sherzoy الرائدة في دعم المرأة، في مجال التنمية الدولية منذ أكثر من 25 عاما، وهي متخصصة في التمكين الاقتصادي وبناء القدرات وريادة الأعمال والمساواة بين الجنسين. تقود اليوم مبادرات ومشاريع متنوعة تدعم تمكين المرأة في وطنها أفغانستان. وقد تولّت مناصب استشارية وإدارية كثيرة في مشاريع موّلتها “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” وفي وزارة التجارة الأفغانية، حيث كانت مديرة قسم “تنمية ريادة النساء” ومستشارة لقضايا المساواة بين الجنسين. ومن أهم ما حققته للمرأة الأفغانية تأسيس “اتحاد مؤسسات الأعمال النسائية الأفغانية”. ولخدماتها الإنسانية البارزةتم تكريمها من الأمريكية الأولى السابقة لورا بوش، والرئيس الأفغاني، ومؤسسات وجهات دولية كثيرة.

قابلنا هذه الملهمة بمناسبة إطلاق منصة Laala Luxury Afghan Artisanal & Local Abundance للمنتجات الأفغانية الفاخرة العصرية التي تدعم تنمية المجتمع الأفغاني. فمن خلال شراء هذه الأزياء والمجوهرات والسجاد والحرف اليدوية والمأكولاتالتي يصنع الكثيرمنها نساء،يؤثر المستهلك مباشرة فيالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأفغانستان. ومنبر Laala الذي يحمل اسم التوليب – وهي الزهرة الوطنية الأفغانية –والذي يقدّم لأهل دبي فعاليات ثقافية ومتاجر مؤقتة حول المدينة وقد بدأ نشاطه من 26 نوفمبر الماضي ويستمر إلى 10 ديسمبر الجاري، احتفالا بالتراث الأفغاني الثقافي وبسبعين عامامن الروابط الاقتصادية والتجارية مع الإمارات.

أخبرينا قليلا عن نفسك؟

ولدت في العاصمة الأفغانية كابول. اسم عائلتي “شيرزوي”، وهي جزء من قبيلة “محمد زي”. عشيرة “محمد زي” حكمت أفغانستان خلال 200 سنة حتى الملك الراحل محمد ظاهر شاه. والدي الدكتور رحيم شيرزوي كان دبلوماسيا محترفا يسافر دائما. آخر منصب تولّاه قبل الغزو الروسي كان سفير أفغانستان في تشيكوسلوفاكيا. لدي شقيق وابنتان متزوّجتان فرح وزارين. والدتي حميدة لطالما كانت ربة منزل رائعة. ولدت وترعرعت خلال العصر الأفغاني الذهبي، وأملك ذكريات جميلة جدا عن تلك الفترة. عند تخرجيفي المدرسة الثانويةبدأ الغزو الروسي. ومنذ ذلك الحين، حياتي أخذت منعطفا كبيرا. وهاجرت مع عائلتي إلى الولايات المتحدة. اليوم أنا مديرة لبرنامج كبير يعنى بتطوير القدرات النسائية تنفذه منظمة Chemonics وتموّله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID في أفغانستان.

كيف كانت تجربة الاغتراب مع عائلتك قبل الاستقرار في الولايات المتحدة؟ وما أبرز التحديات التي واجهتها بعيدا عن وطنك؟

أنا وعائلتي واجهنا عوائق مختلفة. انقلبت حياتنا رأسا على عقب. انتقلنا من حالة استقرار وثبات إلى صراعللبقاء والاستمرار. والدتي لم تعمل ووالدي كان دبلوماسيا. الذهاب إلى أمريكا والتواجد في بلد جديد كان صعبا علينا. كانت ثقافة جديدة تماما وبيئة وجب علينا التكيف معها. كنّا أنا وأخي صغيرين، فكان عمري18 عاما، وأخي كان عمره 17 عاما. تأقلمنا بسرعة: فورا تولّيت وظيفتين وذهبت في الوقت نفسه إلى صفوف الدراسة بدوام كامل. لن أنسى يوما أول عمل لي أمينة صندوق في صيدلية. لم أتوقع يوما أن أعمل في هذه السن المبكرة،لأنني لطالما فكرت في أنني سأبدأ بالعمل بعد إكمال مرحلة التعليم العالي. وأقدر وأعتز بحياتي في كاليفورنيا. أحب طقسها والسماء الزرقاء كزرقة أفغانستان. ذكّرتني بموطني. كنت محظوظة بتمضية أكثر من عشرين عاما في منطقة Bay Area، لأن ذلك علّمني كيف أعيش وكيف أدير مشروعا تجاريا، وأعطاني أمانا وسلاما وراحة.

كيف عشت حياتك في الولايات المتحدة؟ هل كان سهلا عليك اتّباع نمط العيش الجديد؟ وماذا تعلّمت هناك؟

العيش في أمريكا مختلف عن العيش في أفغانستان. هناك فروقات كثيرة مثل الثقافة واللغة وطريقة العيش. تأقلمت بسرعة كبيرة مع طريقة العيش،فلم يكن أماميخيار آخر، وكان التغيير جيدا. عشت بطريقة مختلفة في أفغانستان. كنت طفلة مدللة، ولم أكن لأحظى بفرصة العمل بعمر 18 سنة. التحديات التيواجهتها جعلتني أنضج وأقوى. كنت متشوقة جدا لإنهاء دراستي العليا. والديلميكن قادرا على دفع ثمن الدراسة، لأننا تركنا كل شيء في أفغانستان. وتمكنت في النهاية من إتمام دراستي العليا، لكنها تطلّبت وقتا طويلا. تزوّجت حين كنت في العشرين من عمري. كنت صغيرة جدا والأمرحصل بسرعة هائلة. وتربية ابنتيّ في بلد مثل الولايات المتحدة كان صعبا. فكما ذكرت، ترعرعت بعقلية وثقافة مختلفتين. شعرت بالحزن تجاههما أحيانالأنهما أجبرتا على التعامل مع الصدام الثقافي يوميا. أردت الأفضل لهما، وحرصت على أن تكونا مدركتين للثقافتين. فرأيت أن ذلك جزء مهم من تكوين شخصيتيهما في المستقبل.

غادرت وطنك لعقدين. كيف كانت العودة إلى الموطن؟

خلال العقدين لم أنس جذوري أو أبناء وبنات بلدي حين كانت الحرب تجري. شاركت في نشاطات اجتماعية كثيرة روّجت للوعي حول ما كان يحصل في أفغانستان وعلّمت الثقافة الأفغانية للشباب. لم أتوقع أبدا أن أعود يوما لأنني كنت قد فقدت الأمل. وتعلّمت أنه يجب ألا يفقد المرء يوما الأمل.

باعتباري ابنة دبلوماسي، كنت أعشق ارتداء ملابسي الأفغانية التقليدية في فعالياتالسفارة منذ أن كنت شابة. كنت أملك مجموعة جميلة من التطريزات الملونة الرائعة المصنوعة على أيدي نساء أفغانيات. حين هاجرنا، حرصت على أخذها معي إلى الولايات المتحدة. وقد استطعت تنظيم عروض أزياء كثيرة لجمع التبرعات للمهاجرين الأفغان إلى باكستان.

الآن أخطط لعرض أزياء آخر في مارس 2017 في واشنطن العاصمة لجمع التبرعات لمدرسة في باميان عبر مؤسسة Ayenda Foundation. في الدول النامية كأفغانستان نسبة النساءالقادرات على القراءة والكتابة منخفضة. أكثرية النساء الأفغانيات أميات بنسبة 80 في المئة، ومليونا امرأة هن أرامل بسبب الحرب. هؤلاء النساء ضحايا الحرب، ويجب أن نجد سبلا لتمكينهن. من الأساليب التي وجدتها التدريب المهني. وأول ما بدأت به كان الحرف اليدوية. للعالم الغربي، الحرف اليدوية ليست قيمة جدا فهي ليست رخيصة وتستغرق وقتا طويلا. فقد انتقل العالم إلى الإنتاج الشامل الضخم. مع الأسف، الحرب خلقت فجوة في النمو. بدأت العمل مع عشر نساء عام 2003. علّمتهن أساس العمل، ثم راح صفّي ينمو ويكبر فتحوّل إلى “جمعية سيدات الأعمال الأفغانيات” التي تحوّلت في النهاية إلى “اتحاد الأعمال الأفغاني”. المشروع لاقى نجاحا كبيرا لأنهن أصبحن يستطعن الوصول إلى المعرفة حول إجراء أعمال بسيطة، وأصبحن مكتفيات ذاتيا.

بعد عودتك قررت تكريس حياتك للناس الذين تركتهم سابقا ومساعدة النساء بشكل أساسي. كيف بدأت بهذه المبادرة ومن دعمك؟

حين حصلت أحداث 11 سبتمبر، أصبت بالصدمة. لم أستطع تصديق ما رأيته على التلفزيون. ومنذ ذلك اليوم، كان عقلي في أفغانستان وجسدي لا يزال في كاليفورنيا. كانت ابنتاي قد تخرّجتا للتو في المدرسة الثانوية، وهما على وشك بدء المرحلة الجامعية. وقد طلب الملك الراحل من والدي السفر إلى أفغانستان ليكون نائب وزير في وزارة الشؤون الخارجية. وحالما غادر، شعرت بأنه عليّ الذهاب وتمضية بضعة أسابيع والعودة مع مشاريع ستحدث فرقا في حياتهم.

لدى وصولي إلى كابول بعد 23 عاما، كان عليّ أن أسجل في السفارة الأمريكية. وحالما خرجت من السيارة لأسجل، رأيت صبيا صغيرا يلمّع حذاء نسيبي. الولد لم يكن ينتعل حذاء في قدميه، وكنّا في أوائل مارس والطقس بارد. كان يرتدي ملابس رثة. المشهد كان مروّعا. أتذكر نفسي في سنّه وابنتيّ وبنات أخي وأولاد أصدقائي. كنا نلهو مع ألعابنا أو نقرأ كتبا أو نلعب مع أصدقائنا أو نذهب إلى المدرسة، لكن هذا الفتى الصغير المسكين لم يرَ او يختبر أي شيءمن تلك الأمور. ذهبت إلى مدرسة بنات كانت قد افتتحت للتو في جبل سراجشمال كابول. دخلت إلى صف حيث كانت الفتيات جالسات على الأرض. طلبت من إحدى الفتيات الشابات أن تكتب اسمها على اللوح. شعرت بالخجل، ولم تتمكن من كتابة اسمها، فوقفت بالقرب من اللوح على وشك أن تبكي من الخيبة. كانت بعمر 19 سنة. حطمت قلبي. ابنتاي تعملان وقد تخرجتا في المدرسة وتذهبان إلى الجامعة، وتؤمنان الاكتفاء الذاتي. أما هؤلاء الفتيات، فلا يعرفن أو لا يملكن شيئا في حياتهن. فشعرت بأن إدارة المشاريع عن بعد لن ينجز التأثير الملائم. أردت إحداث فرق حقيقي ملموس. وعندها قررت البقاء.

واجهت صعوبة في إيجاد نساء في كابول. فذهبت إلى ملا، وسألته أين يمكنني أن أجد النساء. طلب مني الحضور إلى الجامع يوم الجمعة. وطلبت منه أن يدعو 20 امرأة لأستطيع العمل معهن. وصلت إلى الجامع وفور دخولي وجدتأكثر من 400 امرأة. كان المشهد مذهلا! كنت سعيدة جدا برؤيتهن بعد عقود. رحبت بهن وأخبرتهن بأنني هنا لأجلهنوللعطاء والمشاركة والحب. وطلبتمنهن أن يسجلن في منظمتي الجديدة،حيث أتمكن من أن أجريتقييما لمهاراتهن. وهكذا أستطيع تنمية قدراتهن بحسب ما يعرفنه. كن سعيدات جدا، وواجهت صعوبة في مغادرة الجامع ذلك اليوم.

أنا وفريقي أجرينا مقابلات مع 10000 امرأة، و56 منهن فقطمتعلمات بشكل أو بآخر. كان الأمر محزنا. معظم النساء كنا يعرفن الخياطة ونسج السجاد والزراعة والتطريز. وقررت أن أبدأ بنثر بذور التمكين. فبدأت بكتابة الاقتراحات لأحصل على تمويل للمشاريع. بعد مرور سنة، أسست “جمعية سيدات الأعمال الأفغانيات” التي تحوّلت إلى “اتحاد الأعمال الأفغاني”. أطلقت المشاريع في القطاع الخاص وفي المجتمع المدني وفي الحكومة. اليوم أرى وألمس التغييرات التي بدأت منذ 15 سنة. حين وصلت إلى أفغانستان من قبل، لم أستطع إيجاد امرأة واحدة تخرّجت في المدرسة الثانوية، لكننياليوم أدير مشروعا، حيث يجب أن تكون النساء متخرجات في المدرسة الثانوية أو في الجامعة. في كابول، مشروعي الحالي أعلن عن النساء في طلبات التدريب الحكومي قبل بضعة أشهر. حصلنا على 1700 طلب من حاملات شهادات جامعية، و900 منهن وصلن إلى القائمة النهائية. يا له من إنجاز للمرأة الأفغانية!

قلت سابقا إن “تغيير معتقدات الرجال ومواقفهم تجاه المرأة سيتطلب أجيالا”؟ وأنّه لا يمكن تحقيقه إلا بحلول العام 2030ماالذي يجعلك تعتقدين؟

تغيير معتقدات الرجال باتجاه قبول النساء شركاء متساوين سيتطلب أجيالا. وهذا ليس فقطفي أفغانستان، بل حول العالم برأيي. إنه تغيير اجتماعي وسلوكي،مسؤوليتنا نحن الأمهات أن نربّي أبناءنا على احترام بناتنا وقبولهن أشخاصا مساوين لهم.

تحملين شهادة جامعيةفي إدارة الأعمال والإدارة العامة من جامعة فينيكس. هل ساعدك ذلك حقا في خبرتك فيالتمكين الاقتصادي وبناء القدرات وريادة الأعمال؟

في الواقع، كل ما تعلّمته، ليس كافيا، أتمنى لو كان لي المزيدمن فرق التعلّم، لكن ظروف حياتي جعلت الأمر صعبا. على الرغم من ذلك كنت سعيدة جدا باكتشاف جامعة فينيكس القريبة من بيتي. وباعتباري أما عاملة، كان صعبا جدا أن أدرس بدوام كامل. الصفوف كانت مرة في الأسبوع من السادسة مساء حتى العاشرة مع أكثر من 20 ساعة فروض منزلية. لم يكن الأمر سهلا، أن أعمل بدوام كامل وأنجز الأعمال المنزلية وأربي ابنتيّ، لكنني فعلتها. كانت من أجمل أيام حياتي حين أنهيت دراستي العليا، ماأحدث فرقا كبيرا في مشواريالمهني.

حصلت أيضا على شهادة فخرية في الآداب الإنسانية على عملك في أفغانستان. لا شك في أن ذلك يعني لك الكثير.

نعم يعني الكثير لي. اكتسبت معرفة وخبرة في الولايات المتحدة وتشاركتها في أفغانستان. قدموا إليّ هذه الشهادة الفخرية المميزة،وكنت فخورة وممتنة جدا لذلك.

كونك ابنة دبلوماسي أفغاني بروح حرة، ذكرت في مدونتك على UN Foundation أن والدك عاملك كشخص مساوٍ لشقيقك. إلى أي درجة لا تزال المرأة تعاني من عدم المساواة بين الجنسين عموما، وفي أفغانستان خصوصا؟

النساء في أفغانستان يعانين بطرق متنوعة. أولا هناك الكثير من الانتهاكات لحقوق المرأة. بفضل الإعلام، صار الناس أكثر وعيا لذلك، لكن الأمر لا يزال محزنا. نسبة الأمية عند النساء الأفغانيات عالية. ما زال الناس في أفغانستان يعيشون ثقافة الحرب،القيود والمعتقدات الثقافية القديمة ما زالت جزءا من حياتهم، الحرب لم تدمّر البنى التحتية فحسب، بل أيضا أثرت في الناس.

خلال 15 عاما حدث تحوّل وتغيّر في النساء الأفغانيات. تعود الفتيات إلى المدرسة (40 في المئة من 10 ملايين طالب فتيات)، والنساء يعدن إلى العمل في المكاتب، ويشاركن في البرلمان  (25 في المئة من المجلس)، ولدينا أربع وزيرات وتسعة نواب وزراء من النساء. المرأة تعمل اليوم في إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها. ولا شك في أن النساء الأفغانيات حققن تغييرا كبيرا وإنجازا مهما عبر 15 عاما.

قلت أيضا في مدوّنتك: “الرجال في حياة النساء وبخاصة الأقارب الرجال يكونون أحيانا كثيرة عائقا يردع المرأة من أن تصبح متعلمة ومتمكنة ماليا”. كيف تواجهون هذا الحاجز اليوم لتصل المرأة إلى التمكين العلمي والمالي؟

هذا صحيح. نرى ذلك في كل أرجاء المنطقة، وليس فقط في أفغانستان. إذا سمح الرجال في العائلة للمرأة بالحصول على حقوقها المدنية والاجتماعية والمالية، فستعيش المرأة حياة طبيعية عادية، وكذلك عائلتها. من الطفولة، يجب أن يتعلم الفتيان والفتيات كيف يقبلون الاحترام المتبادل.

من ناحية أخرى، لاحظت أنه حين تتعلم المرأة جيدا تحب أن تتزوج شخصا مساويا لها. والرجال الشباب في المدن يريدون أيضا أن يتزوجوا من نساء مساويات لهم. لكن للأسف معظم هؤلاء الرجال اليافعين لا يسمحون لزوجاتهم بالعمل بعد الزواج. هذه موضة في أفغانستان اليوم، لأننا نعيش في مجتمع يهيمن عليه الرجال، المرأة تنجب الأولاد، وثم تجبر على البقاء في المنزل. هذا لا يعني أنه علينا التوقف عن تعليم الفتيات. يجب أن نستمر في تعليم الفتيات وتعليم الفتيان. إنها عملية يجب أن يمر بها مجتمعنا.

هل اعتقدت في مرحلة ما أنه حين نبالغ في تمكين المرأة، قد يترك الرجال مسؤولياتهم وأدوارهم للنساء أو ربما تنعكس أداور الجنسين؟

نعم، قد رأيت ذلك في العائلات الفقيرة أكثر من عائلات الطبقة الوسطى الجديدة أو الطبقة العليا،لأنهم يستطيعون أن يبقوا النساء في البيت ويؤمنون لقمة العيش. أما في العائلات الفقيرة،فمسموح للنساءأن يعملن فيجلبن المال. رأيت نساء في تلك العائلات الأفقر يتمتعن بعلاقات أكثر صحة، وهن متمكنات أكثر من نساء الطبقة الوسطى. وهؤلاء النساء يتعلمن كل القواعد الأساسية في إدارة الأعمال. هناك تدريب في الأعمال للنساء الأميات والقادرات على القراءة والكتابة. النتائج حقا مذهلة.

على سبيل المثال، امرأة في الأربعين من عمرها تعلّمت قواعد أساسية في القراءة والكتابة والحساب في منظمتي غير الحكومية. بعد أربعة أسابيع، أخبرتني بأنها متحمسة جدا وسعيدة لتعلّم القراءة والكتابة. قالت إنها في بداية الصفوف لم تكن تعرف كيف تحمل القلم، واليوم تعرف كيف تقرأ الإعلانات والإشارات. تبحث عن بيت تستأجره، وليست بحاجة إلى أحد أو إلى وسيط لتجد بيتا. يمكنها أن تقرأ إعلان “منزل للإيجار”. ذهلت حقا لأن الأشياء التي نعتبرها بديهية هي قيمة جدا عند هؤلاء الناس. نحن محظوظون جدا.

كيف تجدين الوضع المالي للمرأة في الخليج بالمقارنة مع أفغانستان؟

في الخليج، لديكم ناس أغنى بكثير. أعلى ناتج محلي إجمالي في العالم موجود في هذه المنطقة. النساء بمعظمهن متزوجات من رجال أثرياء في هذه البلدان، لذلك هن يتمتعن بالأمان المالي. أفغانستان بلد فقير. فسأقول إن هناك تباينا هائلا بين المكانين.

ما رأيك بالنساء الخليجيات والشرق أوسطيات عموما؟

أرى أن نساء الشرق الأوسط واثقات وذكيات ومتمكنات.

ما نصيحتك للنساء الرائدات؟ أعتقد أن النساء موهوبات، ويعملن بجد في أي مجال ليثبتن أنفسهن ليس فقط لعائلاتهن، بل أيضا لمجتمعاتهن. المرأة بطبيعتها تنجح في تعدد المهام. الريادة هي السبيل الأفضل لتمكين النساء. فيمكن للمرأة أن تكون مبدعة ومستقلة حين تفكر في الطرق المتنوعة التي تريد عبرها أن تؤثر في بيئتها ومجتمعها من وجهة نظر اقتصادية. المرأة التي تشارك في اقتصاد أسرتها تكتسب احتراما أكبر داخل بيتها لأنها تتخذ قرارات مهمة تؤثر في العائلة ككل. يمكنها أن ترسل أولادها إلى المدرسة، وتتمسك بالسيطرة على بيتها في الوقت نفسه. إذا انتهك أحد حقوقها، فلديها المال لتوكيل محامٍ. يمكنها إيجاد أفضل طبيب في حالة المرض. ويمكنها في نهاية المطاف أن تصبح سياسية صالحة وتمهد الطريق أمام نساء أخريات في إدارة الأعمال من خلال سياسات أفضل، ومن خلال كونها صانعة قرار قوية بين الرجال. ستكون امرأة مبادرة وفعالة،ولها القدرة على التمكين والتأثير في كل أعضاء المجتمع من فتيات وفتيان ورجال ونساء.

يمكنك أيضا قراءة